#جبران_تويني… صوتٌ بقي ليذكّرنا بأي #لبنان نستحق

بقلم كوثر شيا – خاص بوابة بيروت
@kchaya

في يوم يعود فيه اسم جبران تويني ليُنبّه الذاكرة، ندرك أن بعض الأصوات لا تنطفئ، لأنها صارت جزءاً من ضمير الوطن. جبران، بخطاب قسمه، لم يخاطب جمهوراً ولا فريقاً، بل خاطب لبنان الذي أراده مساحة حياة كريمة، وبيتاً يتّسع لاختلافات أبنائه بلا انقسام ولا تبعية ولا ولاءات تُفرّغ المعنى من روحه.

ذلك القسم كان إعلان هوية: أن نلتقي تحت علمٍ واحد، في الحلوة والمرة، وأن نبقى على المسافة نفسها من بعضنا البعض، نرى اختلافاتنا كجزء من حضارتنا لا كأسباب خوفنا. جبران أراد لبناناً يشبهنا حين نكون في أجمل نسخنا، لا حين نُستَعمَل ولا حين نُستَقطَب.

واليوم، ومع استعادة كلمات رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون التي وضعت جبران وفرانسوا الحاج في معادلة «السيف والقلم»، يتأكد لنا أن أصوات الشهداء ما زالت تشقّ الطريق نحو دولة لا سيادة فيها إلا لدستورها، ولا قوة تعلو فيها فوق قوة العدالة وحق الناس بالعيش الكريم.

في قسم جبران، نعود لنفهم أن الوطن لا يبنى بالغلبة، بل بالرؤية. ولا ينهض بالخطابات، بل بالنية الصادقة لحماية الإنسان، احترام تنوعه، وصون كرامته. هو دعوة دائمة أن نتحرر من زمن الانقسام ونفتح باب زمن جديد، عصري، يليق بثقافتنا وبقدرة هذا الشعب على تحويل الألم إلى حضارة.

جبران لم يقل لنا كيف نعيش. قال لنا كيف لا يجب أن نموت: لا طائفيين، لا تابعين، لا منقسمين. قال لنا أن لبنان يستحق أن يكون وطناً، لا ساحة. وفي يوم ذكراه، نردّد معه القسم ذاته… لأن لبنان ما زال بحاجة إليه.

وفي يوم ذكرى جبران، لا يمكن أن نختم إلا بصدى كلماته التي حوّلت القسم من جملة سياسية إلى عهدٍ أخلاقي بين الإنسان ووطنه. ذاك القسم الذي قاله بوضوح، بجرأة، وبمحبة لا مساومة فيها:

“نقسم بالله العظيم، مسلمين ومسيحيين، أن نبقى موحّدين إلى أبد الآبدين، دفاعاً عن لبنان العظيم.”

لم تكن هذه الكلمات وعداً عابراً. كانت دعوة كي نفهم أن هوية لبنان لا تُصان إلا بوحدة أبنائه، وأن التنوع ليس ساحة صراع، بل جسر نحو حضارة نستحق أن نبنيها معاً.

لهذا، في ذكرى جبران، نُعيد القسم لا كاستعادة للماضي، بل كمشروع للمستقبل، أن نبقى موحدين، أن نحمي وطننا، أن نرفض الانقسام، وأن نُعيد للبنان صورته التي حلم بها… وطناً يليق بأبنائه وبشهدائه.

اخترنا لك