أسرار اغتيال ضابط الاستخبارات الإيراني #محمد_تاجيك…

هكذا تهاوى أمن عماد مغنية

هكذا تهاوى أمن #عماد_مغنية

بقلم بلال مهدي – خاص بوابة بيروت
@BilalMahdiii

تحقيق صادم نشرته مجلة “ذي أتلانتيك”، كشف عن واحدة من أخطر قصص الاختراق داخل المنظومة الأمنية الإيرانية، قصة لا تفضح فقط هشاشة ما يُسمّى بـ“محور الممانعة”، بل تكشف أن أعظم خسائره لم تأتِ من الخارج، بل من داخله.

التحقيق يروي سيرة محمد حسين تاجيك، ضابط رفيع في وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، وقائد وحدة نخبة في الحرب الإلكترونية، عاش لسنوات حياة جاسوس مزدوج عمل سرًا لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA. رجل كان في قلب أكثر الملفات حساسية، من العمليات السيبرانية إلى التنسيق مع التنظيمات المسلحة في المنطقة، قبل أن يتحول إلى أحد أخطر مصادر التسريب ضد النظام الذي خدمه.

القصة تعود جذورها إلى عام 2011، عندما فقدت الولايات المتحدة السيطرة على طائرة شبحية متطورة من طراز RQ-170 Sentinel قرب الحدود “الإيرانية الأفغانية”. روّج النظام الإيراني حينها لرواية “نصر استخباراتي خارق”، وعرض الطائرة على شاشات التلفزة كدليل على تفوقه التقني. لكن ما كشفه تاجيك لاحقًا قلب الرواية رأسًا على عقب، العملية لم تكن إنجازًا نظيفًا بقدر ما كانت نتيجة معرفة دقيقة بمسارات الطائرة وأنظمة تواصلها، حصلت عليها وحدات الحرب الإلكترونية عبر اختراقات تقنية ومعلومات داخلية.

بعد سنوات، ظهر اسم مجموعة قرصنة إيرانية تُدعى “باراستو”، تواصلت مع الصحفي الأميركي شين هاريس، لتقوده تدريجيًا إلى المصدر الحقيقي، ضابط استخبارات لا يتحدث كهاوٍ ولا كدعائي، بل كجاسوس محترف يعرف كيف يختبر من أمامه. لم يكن تاجيك يسعى للشهرة، بل للانتقام من منظومة شعر أنها استغلته وأهانته.

ما تسرّب لاحقًا كان أخطر بكثير من قصة طائرة مسيّرة. تاجيك كشف تفاصيل عميقة عن الحرب السيبرانية الإيرانية، عن استخدام شركات وهمية ومتعاقدين مدنيين لإخفاء العمليات، وعن استهداف شبكات مالية ومؤسسات دولية. بل ذهب أبعد من ذلك، حين أشار إلى دور إيراني خفي في هجوم البنك المركزي البنغلاديشي عام 2016، وإلى تبادل معلومات تقنية مع “حزب الله” حول شبكات مالية عالمية، مقابل صواريخ وتقنيات عسكرية.

الأخطر في الرواية أن تاجيك أكد تواصله المباشر مع قيادات بارزة في “حزب الله”، وعلى رأسهم عماد مغنية، وأنه زوّد الاستخبارات الأميركية بمعلومات دقيقة عن بنية الحزب وآليات تنسيقه مع طهران. وهي معلومات تزامنت لاحقًا مع عملية اغتيال مغنية عام 2008، في ضربة شكّلت نقطة تحول استراتيجية للمحور كله.

نهاية تاجيك جاءت مأساوية، حين قرر الهرب من إيران وفضح ما لديه، لم يُقتل على يد “العدو”، بل داخل منزله، وبحضور والده نفسه، أحد مؤسسي جهاز الاستخبارات الإيراني. اغتيال صامت، ودفن سريع، بلا تحقيق ولا أسئلة. هكذا تُغلق الملفات في “جمهورية الدم”.

هذه القصة ليست استثناءً، بل نموذجًا. ما تكشفه “ذي أتلانتيك” هو أن محور إيران لا يُهزم بسبب قوّة خصومه فقط، بل بسبب شبكات الخيانة والاختراق والعملاء داخل تنظيماته. منظومة تبني خطابها على الولاء، لكنها تنهار من الداخل بفعل القمع، الفساد، وانعدام الثقة.

الخسارة الحقيقية لمحور إيران لم تكن طائرة شبحية، ولا قائداً عسكرياً، بل سقوط الوهم. وهم التنظيم المتماسك. ففي النهاية، المحاور لا تسقط حين تُستهدف من الخارج، بل حين تتآكل من الداخل… على يد أبنائها.

اخترنا لك