خاص بوابة بيروت

رئيس التحرير
هذا ليس مشهدًا عابرًا، ولا زلّة لسان، ولا لحظة ضعف فردي.
هذا رجلٌ يُفرغ ما تبقّى من كرامته أمام الواقع، كمن يسلّم آخر ممتلكاته عند حاجزٍ لا يعترف بالبشر، إكرامًا للحقيقة التي أُجبِرَ على إنكارها.
وجهه لا يحكي فقرًا فقط، بل يحكي هزيمةً كاملة : هزيمة الوهم، هزيمة الشعار، هزيمة الرصاصة حين تُطلق على صاحبها.
هنا بالذات، وفي منفاه داخل الوطن، وفي جنوبه الحبيب، سقطت كل الخطب، وتعرّت كل “الانتصارات”.
هنا، قال الجنوب ما لم يجرؤ أحد على قوله : لقد استُبدل البيت بالإعاشة، والأرض بالوعد، والزيتون بالصواريخ الرّثّة المتصدّئة بأوهام البطولة والصمود والتصدي، وصدحت أناشيد مارسيل خليفة وجوليا بطرس.
فغابت شمس الحقّ… واستُبدِلَ الإنسان بورقة تفاوض.
هذا ليس ثمن حرب، بل ثمن خيارات انتحارية اتُخذت باسم شعبٍ لم يُستشر، ودُفع إلى المجاعة ليُقال عنه صامد.
أي صمودٍ هذا… حين يقف الإنسان على باب الإذلال طالبًا فتاتًا مقابل عمرٍ كامل؟
أي مقاومة، تُراكم الخراب، ثم تطلب من الضحية أن تشكر جلادها؟
هذه ليست مأساة رجل، بل فضيحة مشروع، ودليل إدانة موثّق بالصوت والصورة على أن من قايضوا الجنوب بالسلطة، لم يبقَ لهم ليبقوا في هذه السلطة ما يقايضونه اليوم إلا كرامة أهلهم.
اللهم إنّا بلّغنا… لكن هذه المرّة، العار هو الذي يشهد، والإنسانية تترنّح… والكرامة الموعودَة … هَوَتْ.