خاص بوابة بيروت
@DrMichelCHAMMAI
تحذيرٌ مبكر عاد اليوم ليصبح مادّة نقاش شديدة الخطورة، أعاد الكاتب والباحث السياسي الدكتور ميشال الشمّاعي نشره، مستحضرًا تغريدة كتبها في 14 تشرين الأول 2023، بعد أسبوع واحد فقط من تنفيذ عملية “طوفان الأقصى”، واضعًا إيّاها في سياق تطوّرات أمنية متسارعة تعيد إلى الذاكرة سيناريوهات تاريخية سبقت انفجار الساحة اللبنانية والدخول في حروب مدمّرة.
الدكتور ميشال الشمّاعي كان قد نبّه، في تغريدته آنذاك، إلى أنّ خطورة الحرب “الإسرائيلية – الحمساوية” لا تُقاس فقط بحجم الخسائر البشرية والمادية والمعنوية، على فداحتها، بل بخلفيّتها “الفكرية – الحضارية”، معتبرًا أنّ هذا النوع من الصراعات يحمل قابلية عالية للتمدّد عالميًا عبر اعتداءات متبادلة في دول متفرقة، ما يجعله أخطر بكثير من مواجهة عسكرية تقليدية محصورة جغرافيًا.
وانطلاقًا من هذا التحذير، قدّم الشمّاعي، في حديث خاص لموقع بوابة بيروت، قراءة تاريخية مقارنة، مؤكدًا أنّ التاريخ يعيد نفسه بنمط دموي متكرر، حيث تتراكم الأحداث الخارجية لتتحوّل لاحقًا إلى ذرائع مباشرة لتفجير الساحة اللبنانية.
المحطة الأولى، بحسب الشمّاعي، تعود إلى ليل 28 – 29 كانون الأول 1968، حين نفّذ العدو الإسرائيلي غارة كوماندوس على مطار بيروت الدولي، أدّت إلى تدمير 13 طائرة مدنية تابعة لشركة “الميدل إيست” وشركات عربية أخرى، بذريعة الردّ على عملية فدائية استهدفت طائرة تابعة لشركة “العال” في مطار أثينا قبل أيام، في سابقة شكّلت آنذاك صدمة وطنية كبرى.
المحطة الثانية تمثّلت في عملية ميونيخ عام 1972، عندما نفّذت مجموعة “أيلول الأسود” عملية احتجاز رهائن إسرائيليين خلال الألعاب الأولمبية في ألمانيا، وما أعقبها من فشل أمني ألماني ومقتل الرهائن، لتتحوّل العملية لاحقًا إلى ذريعة مباشرة لعملية “فردان/ربيع الشباب” عام 1973 داخل بيروت، حيث اغتالت وحدات كوماندوس إسرائيلية قيادات فلسطينية بارزة، في مسار اعتبره الشمّاعي من المقدمات الأساسية لانفجار الوضع اللبناني لاحقًا.
المحطة الثالثة، والأخطر وفق توصيف الدكتور ميشال الشمّاعي، سُجّلت في 14 كانون الأول 2025، مع الهجوم المسلّح الذي استهدف الجالية اليهودية خلال حفل في أستراليا، وأسفر عن مقتل عشرة أشخاص وعشرات الجرحى. التحقيقات الأسترالية أشارت إلى أنّ أحد المنفذين لبناني يُدعى خالد النابلسي، معروف لدى جهاز الأمن الأسترالي، فيما المنفذ الثاني باكستاني الجنسية.
ويرى الشمّاعي أنّ الترابط بين هذه الوقائع ليس مصادفة تاريخية، بل يعكس نمطًا ثابتًا يتكرّر على الشكل الآتي: فعل أمني خارجي، صدمة دولية، ثم ذريعة سياسية وعسكرية جاهزة، يعقبها تصعيد مباشر ضد لبنان.
ويحذّر من أنّ حادثة أستراليا مرشّحة للتحوّل إلى حلقة جديدة تُضاف إلى سلسلة ذرائع قائمة أصلًا، تتقدّمها:
- عدم تنفيذ القرار 1701
- عدم تطبيق قرار الحكومة اللبنانية الصادر في جلسة 5 آب
- خرق اتفاق وقف إطلاق النار المعلن في 27 تشرين الثاني 2024
- استمرار العدو الإسرائيلي في احتلال النقاط الخمس
- تكثيف الضربات الجوية والاغتيالات شبه اليومية بحق قيادات “حزب الله”
التحليل الذي يقدّمه الدكتور ميشال الشمّاعي يتجاوز توصيف الحدث الآني، ليطرح سؤالًا وجوديًا ثقيلًا على اللبنانيين، هل يقف لبنان مجددًا على حافة الحرب؟ أم أنّ المؤشرات المتراكمة تؤكد أنّ المواجهة باتت مسألة وقت لا أكثر؟
الخلاصة التي يصل إليها الشمّاعي تقوم على رفض التعامل مع التطوّرات بوصفها أحداثًا معزولة، إذ يراها سلسلة مترابطة تعيد إنتاج السيناريو نفسه الذي سبق اجتياحي 1978 و1982، محذّرًا من أنّ تجاهل هذا المسار التاريخي قد يدفع لبنان مرة جديدة إلى دفع أثمان صراعات تتجاوز حدوده، في ظل هشاشة داخلية تجعله الحلقة الأضعف في معادلة إقليمية شديدة الانفجار.