سياسة الاسترضاء تدعم #الإرهاب وتقويض الأمن والاستقرار!
–
بقلم نظام مير محمدي – خاص بوابة بيروت

كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني
عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد تکون کارثية في حال انکشاف تورطه، فإنه وکما يبدو قد قام بما يمکن وصفه بـتجميد مٶقت لنشاطاته الإرهابية.
تراجع الدور الإقليمي للنظام وتشديد الضغط والخناق الدولي عليه، ولاسيما بعد عدد من القرارات النوعية التي صدرت ضده وبشکل خاص القرار 72 الخاص بإدانة انتهاکات حقوق الإنسان في إيران والصادر من لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة والذي اعترف بارتکاب النظام الإيراني مجزرة السجناء السياسيين في عام 1988.
کل هذا جعل وضع وموقف ومکانة النظام على الصعيد الدولي على المحک، وهو ما أجبره على وقف نشاطاته الإرهابية أو تجميدها ولو إلى حين، فيما رکز جل همه على ممارسة القمع المفرط في الداخل خوفاً من تداعيات المحصلة السلبية لتدخلاته في المنطقة وکذلك في سعيه لحيازة السلاح النووي.
لکن، وعند التأمل ملياً في مسألة ممارسة النظام للإرهاب وکذلك لنشاطاته المقوضة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، فإننا نجد أن لها علاقة جدلية بالسياسة الغربية المتمثلة في الاسترضاء التي عمل ويعمل على استغلالها على صعيدين، الأول هو الإيحاء للشعب الإيراني بأن المجتمع الدولي يعترف به رسمياً کأمر واقع، والثاني هو إنه وکلما وجد انفتاحاً دولياً عليه فإنه يقوم باستغلال ذلك من أجل تعزيز وترسيخ تدخلاته في المنطقة من جهة، وفي قيامه بالنشاطات الإرهابية على الصعيد، وکذلك سعيه من أجل الاستفادة من مناطق التوتر واستغلالها لصالح تحقيق أهدافه.
جهود النظام ومساعيه الحالية على الصعيد الدولي، تترکز في العمل من أجل إعادة تنشيط سياسة الاسترضاء التي هي في مرحلة تراخ وضمور، لأنه يعلم جيداً إنه ومن دون تلك السياسة لا يتمکن من القيام بالنشاطات الإرهابية وبنشاطاته المزعزعة للأمن والاستقرار، وهذه حقيقة صارت تفرض نفسها بقوة ومن غير الممکن تجاهلها ولاسيما وإن الفترات والمراحل السابقة تشهد على هذه الحقيقة بجلاء.
سياسة الاسترضاء والمهادنة التي أثبتت ليس فشلها فقط وإنما کونها ضارة أيضاً وتخدم سياسات وتوجهات النظام الإيراني في دعم الإرهاب الذي يمارسه وکذلك النشاطات المشبوهة في بلدان في المنطقة والتي من خلالها يقوم بتقويض الأمن والاستقرار، ومن هنا ليس من الغريب أن ترتفع أصوات سياسية أوروبية مناهضة لهذه السياسة وتطالب بتغييرها.
بهذا الصدد، وتزامناً مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، شهد مقر البرلمان الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروکسل يوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025، مؤتمراً دولياً رفيع المستوى تحت عنوان “إيران: قمع في الداخل وتصدير للإرهاب”، بحضور حشد کبير من النواب الأوروبيين، ورؤساء وزراء سابقين، وشخصيات سياسية وحقوقية بارزة. وقد سلط المؤتمر الضوء على السجل المروع للنظام الإيراني في انتهاکات حقوق الإنسان، وتصاعد وتيرة الإعدامات، وفشل سياسات المهادنة الغربية.
لکن الذي لفت النظر هو إن المٶتمر قد شهد إجماعاً سياسياً نادراً بين مختلف التيارات السياسية الأوروبية على ضرورة تغيير الاستراتيجية تجاه طهران. ورکز المتحدثون على فشل الدبلوماسية التقليدية وضرورة دعم البديل الديمقراطي. وقد افتتح المؤتمر النائب ميلان زفر، الرئيس المشارک لمجموعة أصدقاء إيران الحرة، مؤکداً أن النظام الإيراني أصبح مصدراً رئيسياً لعدم الاستقرار العالمي وليس الإقليمي فحسب.
وقال زفر: “منذ انتخابي لأول مرة في 2009، دعمت المعارضة الإيرانية وحرکة السيدة رجوي. لقد تغير الکثير، لکن وحشية النظام بقيت کما هي”. ودعا زفر أوروبا إلى التخلي عن أنماط “المهادنة” التي تأمل عبثاً في اعتدال النظام، مشدداً على أن الشعب الإيراني يستحق سياسة أوروبية أکثر مبدئية وجدية.
وجاء في كلمة السيدة مريم رجوي، المتحدث الرئيسي في هذا المؤتمر الدولي بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ما يلي: “نحن انتفضنا من أجل حقوق الإنسان، ومن أجل الحرية والديمقراطية. من أجل سيادة الشعب في جمهورية تقوم على انتخابات حرة وتعددية، جمهورية تتضمن حرية التعبير، وحرية الأحزاب، وحرية التجمع، وحرية الصحافة والمجال الافتراضي. جمهورية تقوم على مبدأ فصل الدين عن الدولة، وتضمن فيها الحريات والحقوق الفردية والاجتماعية وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتؤكد المقاومة الإيرانية على إنهاء كل أشكال الرقابة والملاحقة القضائية للمسؤولين عن مجازر السجناء السياسيين، وحظر التعذيب وإلغاء عقوبة الإعدام. نحن نطالب بوجود قضاء ونظام عدلي مستقل يستند إلى المعايير الدولية والعالمية القائمة على مبدأ افتراض البراءة، وحق الدفاع، وحق التقاضي، وإلغاء القوانين اللاإنسانية لنظام ولاية الفقيه.”