ميلاد الفرحة في لبنان رغم أنف العدوان

خاص بوابة بيروت

في بلدٍ تتصارع فيه أصوات طائرات الدرون مع أجراس الكنائس، وتمتزج ترانيم الميلاد بصدى الخطر، ويقف مشهد الاعتداء وجهاً لوجه مع زينة الأعياد، يولد الفرح عنيداً في مساحة لا تتعدّى بضعة آلاف من الكيلومترات. هنا لبنان… وطن التناقضات الحادّة، حيث الحياة لا تُؤجَّل، والفرح لا يُهزَم.

لبنان بلد المفارقات الجميلة والمؤلمة معاً. فيه أجمل الزينة، وأبهى الساحات، وأدفأ الاحتفالات، وشعبٌ يعشق الحياة حتى في أقسى الظروف. شعب يعرف كيف يبتسم وهو يرمم جراحه، وكيف يزرع شجرة ميلاد قرب بيتٍ مهدَّد، وكيف يُشعل شمعة أمل في عتمةٍ طويلة.

وعلى الضفة الأخرى، تجد أناساً ينادون ببقاء السلاح، ورفض الرضوخ للعدو، ويتحمّلون أثماناً باهظة من تهجير وقتل وخسارات. هنا، لا تُختزل القصة بشعار واحد، بل تتشابك المواقف، وتتداخل القناعات، ويظل الوطن مساحة جدلٍ دائم بين من يريد الحياة الآن، ومن يرى في الصمود طريقاً وحيداً للحياة لاحقاً.

إنه بلد الجنون… جنون البقاء، وعظمة الفنون

لبنان 10452 كيلومتراً مربعاً من التناقض الصارخ: في ساحاته من يتظاهر من أجل لقمة العيش، وعلى بعد كيلومترات قليلة من يقيم حفلات صاخبة في أفخم الفنادق والمطاعم، وسهرات لا تنتهي في أرقى الملاهي. مشهدان متوازيان لا يلتقيان، لكنهما يشتركان في المكان ذاته والهوية ذاتها.

لبنان الطبيعة الخلّابة، حيث الجبل يعانق البحر، وحيث ينتظر الأخضرُ الثلجَ بشغف طفلٍ للميلاد. هو زحمة السير التي لا تنتهي، وعجقة المطار بالراجعين للأعياد، وحنين المغتربين الذي يسبق حقائبهم.

هو صباحات القهوة على أنغام فيروز، وأمسيات النبيذ وجلسات الأصدقاء، وسهرات من العمر تُولد رغم القلق.

في لبنان، الميلاد ليس موسماً عابراً، بل فعل مقاومة ناعم. مقاومة بالحياة، بالفرح، بالإصرار على الاحتفال رغم كل شيء. هنا، يولد الفرح كل يوم… رغم أنف العدوان.

اخترنا لك