بقلم بسام سنو – خاص بوابة بيروت
@sinno_bassam
في بلدٍ تتصارع فيه الحركات اليسارية والحركات اليمينية، ينهش كل طرف من جلده ولحمه وبلده، من دون أي حسيب أو رقيب، يعيش لبنان اليوم حالة تفكك سياسي عميق جعل الدولة رهينة صراعات داخلية وخارجية لا تشبه طموحات شعبه ولا آلامه.
لبنان اليوم غير مؤهل لخوض انتخابات نيابية جديدة قبل أن يتغيّر الواقع السياسي على الأرض. فأي انتخابات تُجرى في ظل المنظومة نفسها، والتوازنات ذاتها، لن تؤدي إلا إلى إعادة إنتاج نواب من الطبقة السياسية نفسها التي أخذت البلاد إلى منحى الإفلاس والانهيار الشامل.
لبنان بحاجة فعلية إلى إنهاء المكونات الحزبية التي كانت سببًا مباشرًا في خرابه، وإلى تفكيك منظومة تحكمت بمصير الدولة ومؤسساتها. ومن هنا، يرى البعض أن الأمور لا تزال غير واضحة المعالم، وأن تأجيل الانتخابات إلى ما بعد الحروب والتحولات المقبلة قد يفتح الباب أمام فرز وجوه وأحزاب جديدة، قادرة على إنهاء الفساد وبناء الدولة الحديثة التي يتمناها كل لبناني يحلم بوطن يشبه أحلام مواطنيه، لا كوابيسهم.
لم يعد لبنان قادرًا على تحمّل جهات تديره بسلطة فاسدة، وهيمنة قضاء، ومرجعيات دينية، وأمنية، واقتصادية، واجتماعية شاركت جميعها في ضرب مفهوم الدولة ومؤسساتها. فالأزمة لم تعد أزمة إدارة فاشلة فقط، بل أزمة نظام وهيمنة وقرار مصادَر.
علينا اليوم البحث الجدي عن البديل في الانتخابات النيابية المقبلة، إلا أن كثيرين يرون أن هذا الأمر غير ممكن في الوقت الراهن، وأن تأجيل الانتخابات بات ضرورة سياسية حتى تفهم السلطة أن الحل يجب أن يأتي الآن، قبل فوات الأوان، وقبل أن ينهار ما تبقى من الوطن.
ومعظم هذه الرسائل لم تعد خفية، بل تصل بشكل واضح عبر المبعوثين الدوليين الذين لا ينفكّون عن زيارة المسؤولين اللبنانيين، لوضعهم أمام ما قد تشهده المنطقة من تطورات وتحولات، وما سيترتب على لبنان إن استمر في تجاهل لحظة الحقيقة.