مشروع قانون الفجوة المالية عيب بحق #العدالة الاجتماعية

بقلم بسام سنو – خاص بوابة بيروت
@sinno_bassam

في ظلّ واحدة من أخطر الأزمات المالية في تاريخ لبنان، يُطرح اليوم ما يُسمّى بـ«مشروع الفجوة المالية» كحلٍّ تقنيٍّ لأزمة عميقة، بينما هو في جوهره تكريسٌ لغياب العدالة الاجتماعية، ومحاولة مكشوفة لطيّ صفحة الانهيار دون محاسبة أيٍّ من المسؤولين عنه.

فالدولة، ممثّلةً بحكومتها الحالية برئاسة نواف سلام، تسعى إلى تبسيط المشهد المالي عبر قوانين وإجراءات لا تمسّ جوهر المشكلة، ولا تُحمِّل أي طرفٍ مسؤولية الانهيار الذي دمّر القطاع المصرفي، وأدّى إلى ضياع أموال المودعين، وانهيار الثقة بين المواطن والدولة.

الانهيار لم يكن قدراً، بل نتيجة سياسات واضحة شارك فيها سياسيون، وحكومات متعاقبة، ومصرف لبنان، وأصحاب المصارف. ومع ذلك، نشهد اليوم مشهداً عبثياً، رؤساء حكومات سابقون، كحسان دياب، يعيشون حياتهم الطبيعية ويحضرون الحفلات، وأصحاب المصارف يقيمون السهرات والمناسبات الخاصة، وكأنّ شيئاً لم يكن، فيما المودعون يُسحقون تحت وطأة الفقر والمرض والانهيار النفسي.

أغلقت معظم المصارف فروعها أو قلّصت أعمالها، وصرفت موظفيها من دون تعويضات تُذكر، وكأنّ الأزمة لم تكن من صنعها. أما حسابات المودعين، فقد تحوّلت إلى أرقام وهمية، استُنزفت بالعمولات والمصاريف التي فرضتها المصارف بقرارات أحادية، دون أي رقابة أو محاسبة.

اليوم، يعيش القطاع المصرفي حالة من الفوضى والإهمال. فُتحت حسابات سُمّيت «فريش»، وكأنّ الحسابات القديمة أصبحت جثثاً متعفّنة لا قيمة لها، تُركت لتأكلها الديدان دون أن تُدفن. هذا التمييز بين مودعٍ وآخر هو بحدّ ذاته جريمة مالية وأخلاقية.

الدولة مطالبة بالمحاسبة، لكنها متخاذلة، ومتواطئة مع القطاع المصرفي. فبعد توقيف رياض سلامة ثم الإفراج عنه دون مبررات واضحة، تراجع القضاء عن أي إجراء فعلي يعيد حقوق المودعين. والغالبية الساحقة من كبار المودعين اليوم هم من كبار السن، أموالهم محجوزة، وأعمارهم تُستنزف بانتظار عدالةٍ لا تأتي.

أصحاب المصارف يتنقّلون بحرية، وكأنّ الأمر لا يعنيهم، فيما أصحاب الحقوق يدفعون الثمن: أمراض، أزمات نفسية، ذبحات قلبية، وانهيارات عائلية، دون أن يُسأل أي مسؤول عن هذه المآسي.

أين الأموال المهدورة؟

أين الحل العملي؟

الجميع يعلم بوجود خيطٍ رفيع يقود إلى الحقيقة، لكنه لم يُسحب بعد، لأنّ الجميع متورّط.

أين الرئيس حسان دياب؟

أين الرئيس ميشال عون؟

أين المسؤولية عن هدر المال العام، وعن سياسات الدعم التي هرّبت أموال اللبنانيين إلى خارج الحدود، وعن تغطية منظومة مالية وسياسية خدمت مصالحها على حساب الشعب؟

لماذا هذا الصمت من حكومة نواف سلام؟

لماذا هذا الرفض الواضح للمحاسبة؟

وأين أصحاب المصارف الذين راكموا أرباحاً وهمية، وساهموا بشكل مباشر في تدهور العملة والوضع المالي؟

الحقيقة الواضحة أن جميع هؤلاء شركاء في دمار وانهيار القطاع المصرفي.
جميعهم شركاء في رفض الحلول الجذرية.

ولا ثقة اليوم بأي مصرف شارك في الانهيار، ولا بأي مصرف قادر على إعادة أموال المودعين ولم يفعل.

العدالة الحقيقية تبدأ بحجز أموال السياسيين وأصحاب المصارف، لا بإصدار قوانين جديدة تحمي الجناة وتحمّل الضحايا الخسائر.

فأي مشروعٍ لا يضع حقوق المودعين في صلبه، هو مشروع غير عادل، ومرفوض أخلاقياً ووطنياً.

اخترنا لك