لقاء سري بين «#قسد» و«#حزب_الله» : تقاطعات خلف الكواليس تربك #سوريا وتضع #لبنان أمام مأزق السيادة والقرار

بقلم بلال مهدي – خاص بوابة بيروت
@BilalMahdiii

تقاطعات سياسية وأمنية غير مألوفة تشقّ طريقها بهدوء في المشهد السوري، كاشفة عن مسارات خلف الكواليس تتجاوز الاصطفافات التقليدية وتفتح باب التساؤلات حول اتجاهات المرحلة المقبلة وانعكاساتها الإقليمية.

حدثٌ لافت برز في هذا الإطار تمثّل بلقاء سري وُصف بغير المسبوق جمع قياديين في «قسد» ومسؤولين في «حزب الله»، رغم التباعد الحاد في التموضع السياسي والتحالفات الإقليمية لكل طرف.

اللافت في هذا التطور لا يكمن في اللقاء بحدّ ذاته فقط، بل في دلالاته العميقة. ارتباط «قسد» المباشر بالولايات المتحدة يقابله انخراط «حزب الله» الكامل ضمن المحور الإيراني، ما يجعل أي تواصل بينهما مؤشراً على محاولة قراءة التحولات الجارية وإعادة التموضع في لحظة إقليمية دقيقة. القاسم المشترك بين الجانبين تمثّل في معارضتهما للحكومة السورية الجديدة، الأمر الذي فتح نافذة براغماتية ضيقة للبحث عن أرضية مشتركة بعيداً عن الاعتبارات الأيديولوجية والتحالفات الثابتة.

المعطيات المتداولة تشير إلى أن النقاشات تناولت إمكان إنشاء إطار تنسيقي سياسي، وتبادل تقديرات حول مسار الوضع السوري، إضافة إلى رسم ملامح علاقة مرنة تتلاءم مع متطلبات المرحلة المقبلة، وبحث أشكال تعاون محتملة تخدم مصالح متبادلة في مواجهة التحولات المتسارعة على الساحة السورية.

مقاربة كهذه تعكس إدراكاً متزايداً لدى الطرفين بأن المشهد السوري مقبل على إعادة تشكيل، وأن الجمود في التموضع قد يتحوّل إلى عبء استراتيجي.

في موازاة ذلك، سعى وفد «قسد» إلى استيضاح طبيعة العلاقة القائمة بين دمشق و«حزب الله»، ولا سيما ما يُتداول عن اتصالات غير معلنة تجري برعاية أطراف إقليمية، وفي مقدّمها تركيا، ضمن مساعٍ لإدارة المرحلة السورية الجديدة واحتواء تداعياتها الأمنية والسياسية.

هذا البعد يكشف قلقاً واضحاً لدى «قسد» من تفاهمات إقليمية محتملة قد تعيد رسم موازين القوى على حساب موقعها، ويؤشر في الوقت نفسه إلى سباق مبكر على التموضع في مشهد مفتوح على احتمالات شديدة الحساسية.

خطورة هذا التواصل تتجاوز البعد السوري الداخلي لتلامس مباشرة الساحة اللبنانية. مسار موازٍ كهذا، خارج الأطر الرسمية، يعيد إنتاج سياسة القنوات الخلفية التي لطالما قوّضت مفهوم الدولة والعلاقات الدبلوماسية الطبيعية بين لبنان وسوريا.

قيام جهة لبنانية غير رسمية بالتواصل السياسي والأمني مع فصيل “عسكري – سياسي” داخل الأراضي السورية ومعارض للإدارة الجدية، بمعزل عن مؤسسات الدولة اللبنانية، يشكّل انتهاكاً مباشراً لمبدأ السيادة، ويكرّس منطق “الفاعل البديل” عن الدولة في إدارة الملفات الإقليمية الحساسة.

الانعكاس الأخطر يتمثل في إرباك مسار إعادة تنظيم العلاقة الرسمية بين بيروت ودمشق في لحظة يُفترض أن تُبنى فيها هذه العلاقة على أسس واضحة وشفافة، ومحصورة بالقنوات الحكومية الشرعية.

أي تنسيق غير معلن مع أطراف تعارض الحكومة السورية الجديدة يضع لبنان، من حيث لا يحتسب، في موقع الخصومة السياسية والأمنية مع السلطة القائمة في دمشق، ما يعرّض العلاقات الثنائية لمزيد من التوتر، ويحمّل الدولة اللبنانية أكلافاً سياسية وأمنية لا قدرة لها على تحمّلها.

الصورة الأوسع التي يرسمها هذا النوع من التواصل تعمّق أزمة الثقة الداخلية، وتؤكد استمرار ازدواجية القرار الخارجي، حيث تُدار ملفات مصيرية تتصل بالأمن والحدود واللاجئين والعلاقات الإقليمية خارج مجلس الوزراء ووزارة الخارجية.

في هذا السياق، لا يقتصر الخطر على البعد “السوري – اللبناني” فحسب، بل يمتد إلى جوهر الحياة السياسية اللبنانية، ويعيد طرح السؤال المركزي الذي لم يجد جواباً حاسماً بعد، من يملك قرار السياسة الخارجية والحرب والسلم، ومن يحدد موقع لبنان الحقيقي في خرائط الصراع الإقليمي؟

اخترنا لك