فجوة التمويل تتّسع : «حزب الله» يطالب بملياري دولار وإيران تكتفي بنصفها في مرحلة ما بعد الحرب

خاص بوابة بيروت

تصاعد الجدل حول واقع التمويل الإيراني لـ«حزب الله» في ظل معطيات جديدة كشفت فجوة متنامية بين طموحات التنظيم وقدرة طهران على تلبية مطالبه، في مرحلة إقليمية تتّسم بتراجع الموارد وارتفاع كلفة المواجهة.

معطيات إعلامية متقاطعة أظهرت أنّ مسؤولي «حزب الله» طالبوا، خلال مفاوضات حديثة مع قادة «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني، برفع حجم المساعدات المالية السنوية إلى نحو ملياري دولار، في محاولة لإعادة ترميم القدرات العسكرية التي تضررت بفعل الحرب الأخيرة. الموافقة الإيرانية، وفق المصادر نفسها، توقفت عند سقف يقارب مليار دولار فقط، يُوزّع على أبرز الجماعات الوكيلة لطهران في المنطقة.

تقرير لمراسل شؤون العالم العربي في شبكة «كان» العبرية، روعي كايس، أشار إلى أنّ هذا الدعم، رغم انتظامه، لا يُعد كافياً من وجهة نظر قيادة «حزب الله» لإعادة بناء الترسانة العسكرية التي تكبّدت خسائر واسعة. نقلُ مئات ملايين الدولارات خلال العام الماضي، بحسب التقرير، ساهم في إبقاء الهيكل التنظيمي قائماً، لكنه لم يلبِّ متطلبات مرحلة ما بعد الحرب، حيث أصبحت كلفة إعادة التسليح أعلى بكثير مما كانت عليه سابقاً.

موقف واشنطن عكس بدوره إدراكاً دولياً لحجم هذه التدفقات، إذ أعلنت الولايات المتحدة في 12 نوفمبر أنّ إيران، رغم العقوبات، أرسلت قرابة مليار دولار إلى «حزب الله»، داعية السلطات اللبنانية إلى جعل نزع سلاح التنظيم ووقف التمويل الإيراني أولوية سياسية وأمنية. تقارير صحافية أخرى، من بينها ما نشرته صحيفة «الشرق الأوسط»، كشفت عن مساعٍ إيرانية لاستخدام معابر غرب العراق لنقل شحنات مالية من سوريا إلى لبنان، قبل أن يُرفض هذا الطلب من جانب مسؤول عراقي رفيع، في مؤشر على تضييق هامش الحركة أمام طهران.

الدعم الإيراني، الذي شكّل تاريخياً العمود الفقري لقدرات «حزب الله» العسكرية والاجتماعية، واجه اختباراً قاسياً بعد الضربات التي شنّها «جيش العدو الإسرائيلي» وفرض وقف إطلاق النار. طهران حاولت، وفق المعطيات، إعادة تنشيط القاعدة التنظيمية عبر ضخ أموال مباشرة، إلا أنّ التحدي الأكبر بقي في إعادة بناء مخازن السلاح التي تضررت بشكل غير مسبوق.

تقرير كايس أضاء على تحوّل لافت في آليات التسليح، حيث بات التنظيم يعتمد على شراء السلاح من القبائل السورية بدلاً من الدولة السورية، في دلالة على تبدّل شبكات الإمداد التقليدية.

الرواتب الشهرية لعناصر «حزب الله» ما زالت تُدفع بانتظام، وتُعد مرتفعة مقارنة بالمعايير اللبنانية، كما لم تُسجّل فجوات كبيرة على مستوى التجنيد أو التدريب، ما يعكس أولوية الحفاظ على البنية البشرية. المعضلة الأساسية، وفق التقرير، تتمثل في الكلفة الباهظة لإعادة ملء مستودعات السلاح التي جُمعت على مدى عقدين، والتي يتطلب تعويضها موارد مالية تفوق ما هو متاح حالياً.

الصورة العامة التي ترسمها هذه المعطيات تكشف مأزقاً بنيوياً داخل المحور الإيراني، حيث تتقاطع محدودية الموارد مع اتساع ساحات الالتزام. خسائر الحرب لم تقتصر على العتاد، بل طاولت نموذج العمل نفسه، الذي بات مكشوفاً أمام ضغوط مالية ولوجستية متزايدة. في هذا السياق، تتبدّى خسارة محور إيران نتيجة عامل داخلي لا يقل خطورة عن الضربات الخارجية، يتمثل في الاختراقات والعملاء داخل التنظيمات، الذين ساهموا في كشف البنية، واستنزاف القدرات، وتعميق الكلفة، وصولاً إلى إضعاف المحور من الداخل قبل أي مواجهة مفتوحة مع الخارج.

اخترنا لك