بقرار دولي… سوريا بكل كيانها بقيادة أحمد الشرع قبل نهاية العام

خاص بوابة بيروت

تشهد الساحة السورية في الآونة الأخيرة حراكًا سياسيًا وعسكريًا متسارعًا، يعكس تحوّلًا نوعيًا في مقاربة الملف السوري على المستوى الدولي. فبحسب المعطيات المتداولة، يبرز قرار دولي واضح المعالم يقضي بإنهاء وجود جميع القوى الخارجة عن سلطة الدولة السورية قبل نهاية العام الحالي، في خطوة تُعدّ مفصلية وقد تكون الأهم منذ اندلاع الأزمة.

هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل سبقه تحرك استباقي تمثّل في ضربات أميركية دقيقة استهدفت مواقع تنظيم داعش، في رسالة تؤكد أن محاربة الإرهاب لا تزال أولوية دولية، وأن مرحلة الفوضى لم تعد مقبولة. هذه الضربات مهّدت لإعطاء الضوء الأخضر للقوات السورية للتحرك من أجل إنهاء وجود كل التشكيلات الخارجة عن الدولة، ولا سيما في مناطق سيطرة قسد والسويداء، ضمن إطار زمني محدود، وكأن المشهد يرسم ملامح عام جديد لسوريا، عام مختلف في الشكل والمضمون.

إن ما يجري اليوم يوحي بأن سوريا تقف على أعتاب مرحلة تعافٍ حقيقية، عنوانها إعادة بناء الدولة، واستعادة القرار السيادي، والانطلاق نحو سوريا جديدة باقتصاد أقوى وعملة وطنية أكثر استقرارًا. وقد ترافقت هذه التطورات مع مشاركات ومواقف سياسية من أطراف متعددة، أميركية وتركية وسورية، وبدعم دولي غير مسبوق، ما يعكس وجود تقاطع مصالح دولي على ضرورة إنهاء الصراع السوري ووضع حد لحالة الاستنزاف المستمرة.

ولا يمكن قراءة هذا المسار دون التوقف عند الأهمية الاستراتيجية لمناطق نفوذ قسد، التي تشكّل المعقل الأساسي للنفط السوري. فعودة هذه المناطق، وفي مقدمتها دير الزور والمناطق الشرقية، تمثّل حجر الزاوية في أي مشروع جدي لإعادة الإعمار، إذ إن استعادة الموارد الطبيعية ووضعها تحت إدارة الدولة هو المدخل الحقيقي لإعادة تشغيل عجلة الاقتصاد الوطني، وتأمين متطلبات التعافي المالي والخدمي.

أما السويداء، فإن استمرار وضعها خارج إطار الدولة السورية لا يقتصر تأثيره على الداخل فحسب، بل يحمل أبعادًا إقليمية خطيرة. فوجود هذه المنطقة خارج سلطة الدولة يعرّض الأمن الوطني السوري لمخاطر متعددة، ويفتح الباب أمام اختراقات خارجية، ولا سيما الخطر الصهيوني، كما يزيد من حدة التوتر مع لبنان، في ظل وجود ميليشيات تابعة لأطراف مختلفة، من بينها الحزب وجماعة وهاب، ما يجعل المنطقة ساحة مفتوحة للصراعات والتجاذبات.

اليوم، ومع الحديث المتزايد عن قرار دولي يعيد سوريا إلى خارطة العالم الحر، يبرز الدور الأميركي بشكل واضح، خصوصًا في ظل الجهود التي تُنسب إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالتوازي مع دعم عربي فاعل من دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. ويُنظر إلى سوريا في المرحلة المقبلة على أنها فرصة استثمارية كبرى، حيث يُتوقع أن يكون الاستثمار في إعادة إعمارها من أهم الاستثمارات في المستقبل القريب، في حال ترسيخ الاستقرار السياسي والأمني.

إن سوريا اليوم، بعد سنوات طويلة من الحرب والعقوبات والانقسام، تنتظر لحظة إنهاء الصراع لتستعيد عافيتها، وتلتقط أنفاسها، وتنطلق بثقة نحو تحقيق أهدافها الوطنية الكبرى. وفي مقدمة هذه الأهداف يأتي السلام العادل، والاستقرار الدائم، وبناء دولة قوية وقادرة على تلبية طموحات شعبها، واستعادة مكانتها الطبيعية في محيطها العربي والإقليمي والدولي.

قد لا تكون الطريق سهلة أو خالية من التحديات، لكن المؤشرات الحالية توحي بأن القرار الدولي قد اتُّخذ، وأن سوريا مقبلة على مرحلة جديدة، عنوانها التعافي، بعد سنوات طويلة من الألم والانتظار.

اخترنا لك