بين وهم #المقاومة وواقع #الوصاية : كيف صادَر #السلاح الدولة؟

بقلم ميراز الجندي – خاص بوابة بيروت
@MirazJundi

نجح الحرس الثوري الإيراني، خلال العقود الماضية، في إنتاج حالة أيديولوجية مغلقة داخل جزء من البيئة الشيعية العربية، ولا سيّما في لبنان، قائمة على وهم التفوّق والانتصار العقائدي الدائم.

وقد تولّى “حزب الله”، بوصفه الذراع التنفيذية للمشروع الإيراني، ترجمة هذا الوهم إلى واقع سياسي وأمني، مستخدمًا فائض القوة والسلاح لفرض معادلة شاذة تتناقض جذريًا مع منطق الدولة والدستور والشراكة الوطنية.

هذه المعادلة المختلّة لم تكتفِ بتقويض مبدأ احتكار الدولة للسلاح، بل منحت جمهور الحزب ومنتسبيه شعورًا بالتفوّق على بقية اللبنانيين، مدعومًا بسردية “دينية – سياسية” تُشرعن العنف وتُبرّر القتل تحت عناوين “القداسة” و“الشهادة”، طالما أن الفعل يخدم مشروع “الوليّ الفقيه” ويصبّ في سياق المصالح الإيرانية الإقليمية.

لقد فقد مفهوم “المقاومة الوطنية” في لبنان مضمونه ومشروعيته منذ تفكيك جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية” جمول” ، ومع الانسحاب الإسرائيلي الكامل عام 2000، انتفى أي مبرّر قانوني أو وطني لاستمرار حمل السلاح خارج إطار الدولة. وما تلا ذلك لم يكن امتدادًا لمقاومة، بل تحوّلًا تدريجيًا إلى أداة نفوذ إيرانية في المشرق وشرق المتوسط، جرى تسويقها عبر شعارات كبرى من قبيل “تحرير القدس” و“مواجهة الهيمنة”، فيما هي في جوهرها غطاء أيديولوجي لمشروع توسّعي مذهبي.

إن الخلط المتعمّد بين المقاومة والولاء الخارجي شكّل أخطر عملية مصادرة للوعي الوطني، إذ جرى استخدام قضية عادلة لتكريس وصاية سياسية وعسكرية على دولة ذات سيادة. ومن هنا، فإن التحدي الحقيقي اليوم لا يكمن فقط في مسألة السلاح، بل في استعادة المعنى الوطني للمقاومة بوصفها فعلًا سياديًا مرتبطًا بالدولة، لا أداة بيد مشروع عابر للحدود.

لقد آن الأوان لفكّ هذا الارتباط القسري، وإعادة الاعتبار لمفهوم المقاومة كخيار وطني جامع، يحمله أبناء الدولة ومؤسساتها الشرعية، لا جماعات مسلّحة تعمل خارج الدستور وتحت إمرة مرجعيات خارجية.

اخترنا لك