خاص بوابة بيروت

كاتب وناشط سياسي
في بلدٍ يُفترض أن تكون فيه سلامة الغذاء من أبسط حقوق المواطن، بات السؤال اليوم مشروعًا ومؤلمًا، أين سلامة الغذاء في لبنان؟
أين وزارة الصحة من مراقبة المطاعم، والأفران، والمتاجر، حيث يُباع الغذاء بلا رقيب ولا حسيب؟ وأين وزارة الاقتصاد من ضبط أسعار السلع، ومن مراقبة السلة الغذائية الأساسية التي أصبحت حلمًا بعيد المنال؟
في بلدٍ بات فيه شراء الخضار عبئًا يوميًا، لا قدرة عليه لكثير من العائلات، أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟
ثم أين البلديات، وهي الأقرب إلى الناس، من متابعة هذا الانفلات الكامل؟ وأين نحن، كمواطنين، من هذا الواقع الذي لم يعد يُحتمل؟
المشكلة لم تعد أزمة عابرة، بل تحوّلت إلى جشع منظّم، شجّع الجميع على الاستغلال في ظل غياب الدولة.
التاجر يرفع الأسعار بلا ضمير، والمراقبة شبه معدومة، والمواطن هو الضحية الدائمة.
في المقابل، ينشغل الوزراء بتمرير قوانين مجحفة بحق المواطن، لا سيّما في ما يتعلق بالودائع، غير آبهين بمعيشته التي تحوّلت إلى عبء ثقيل بلا أفق. نعيش اليوم كأحد أكثر الشعوب فقرًا، رغم أننا لم نختر هذا المصير.
الأعباء تتراكم، المدارس والجامعات أصبحت فوق قدرة الأهالي، كلفة المعيشة غير منطقية، والرواتب بلا قيمة، وفوق كل ذلك، لم يسلم المواطن حتى من خطر الغذاء الفاسد.
الرقابة غائبة، والصرخة لم تأتِ من الوزارة المعنية، بل من برنامج إعلامي عبر شاشة “الجديد”، الذي أضاء على واقع أليم كان يجب أن تكون الدولة أول من يكشفه ويعالجه.
فأين الدولة؟ وأين حق المواطن في العيش بكرامة؟ وأين أنتم أيها الشعب؟ لماذا الصمت عن حقوقكم؟ وهل اعتدنا الظلم؟ أم أصبحنا نواسي أنفسنا بحكايات وقصص، فيما الحقيقة أننا جميعًا ضحايا هذا الجشع والإهمال واللامبالاة؟
نعيش في زمنٍ كثرت فيه الوعود، وقلّ فيه العمل، وفي وطنٍ تُترك فيه صحة الناس على الهامش، وكأن حياة المواطن لم تعد أولوية.
إنها صرخة، لا للشكوى فقط، بل للتذكير بأن سلامة الغذاء ليست ترفًا، بل حقٌّ أساسي من حقوق الإنسان، وأن السكوت اليوم، هو شراكة غير مباشرة في هذا الانهيار.