صديقتان تصدمانني وتجزمان انني لم احسن اختيار مهنتي

بقلم د. غسان صليبي

مهنتي،
باحث اجتماعي ومدرّب
وخبير نقابي
مع منظمات دولية.

أصدقائي الرجال
يعتبرونني ناجح مهنيا،
وبالنسبة لهم
فقد أحسنت اختيار مهنتي.

ليس هذا رأي
صديقتين،
لا تريان في نجاحي
دليل حسن اختيار،
ولا تباليان
بالصفة “الدولية” لمهنتي،
بل تكادان تجزمان
أن مهنا أخرى
تناسبني اكثر.

الصدمة الاولى
جاءتني
من صديقة
من إيام الجامعة،
اعتبرت أنني
لم احسن اختيار مهنتي:

كما قالت بشكل قاطع،
“كان حريً بك
العمل في مجال المسرح”،
معتمدة في رأيها
على مسرحيتين
كتبتُهما وقدمتُهما
على مسرح الجامعة.

الصدمة الثانية
تأخرت عن الاولى،
وجاءتني هذه المرة
من صديقة نقابية،
اي من عقر داري،
فقد نصحتني
بترك مهنتي
وفتح “كشك”
او kiosk
لبيع الكتب
في شارع الحمراء،
وتمضية نهاري
باستقبال الناس
والتحادث معهم
على فنجان قهوة،
بما تقوله لنا الحياة
وتخبره الكتب.

الصديقتان
تعرفانني جيدا،
وتؤكدان
انه بامكاني أن أكون
اكثر فائدة،
بعيدا من الابحاث
التي لا يقرؤها احد،
ومن النقابات
التي لم يعد يثق بها احد،
فضلا عن “مهاراتي”
في مجالي كتابة المسرح
والتواصل مع البشر،
الأكثر صدقا
وهم يتسكعون
على الأرصفة.

والصديقتان وعدتاني
بأنني سأكون
اكثر عطاء وسعادة،
اذا عملت بواحدة
من نصيحتيهما.

عندما تلقيت الصدمتين،
شعرت في حينه
بانهما لامستا رغبات عميقة
في داخلي،
وقلت في نفسي
“معهما حق”،
وفكرت انه ربما كان بالإمكان
الجمع بين المهنتين المقترحتين،
من خلال كتابة النصوص المسرحية
على ضوء الحوارات
في ميدان “الكشك”.

كان ذلك منذ زمن،
لكني لم ابادر
لتغيير مهنتي،
على الارجح
لتعلقي بها من جهة
ولاسباب مادية من جهة اخرى،
فمدخولها يفوق
ما كان يمكن ان تدرّا عليّ معا
المهنتان المقترحتان.

اما اليوم
وبعد أن استقلت
من العمل في المؤسسات،
وتفرغت للعمل الاستشاري
وللكتابة شبه اليومية،
لم أعد ارغب في ممارسة مهنة أخرى.

وفي حال غيّرت رأيي
وقررت ممارسة مهنة جديدة،
فسأختار مهنة
لم تخطر ببال الصديقتين،
وهي أن أصبح
حلّاق ستاتي،
امضي يومي
وانا امرر
خصلات شعر المرأة
وراء اذنيها،
وارافق الخصلات بأناملي
بتأنٍ،
حتى
تصل
بالسلامة
الى
مسامات
عنقها.

وهل افضل
من مهنة
الحلاق الستاتي
للاستماع الى النساء
وكتابة أجمل
الحكايات؟

لن تشبه
هذه الحكايات
بالطبع،
ما سردته في كتابي
“نساء يواجهن الظلم،
حكايات وتأملات”،
فقص الحكايات
على وقع قص الشعر
يعطيها نكهة أخرى،
في لعبة المرايا
بين النساء
والحلاق الستاتي،
بحثا عما هو أجمل.

اخترنا لك