مع تعدد الخيارات… السيناريو المتوقّع لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية

بقلم شربل صفير

قبل أسبوع من موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري في ١٤ من الشهر الحالي، يدور الحديث حول أكثر من سيناريو لمسارها ومصيرها، وبانتظار ما ستظهره الأيام المقبلة، لا سيما اللحظات الأخيرة، فإنه من المؤكد أن عاملاً أساسياً يفترض أن يتغير في الجلسة الـ 12 لانتخاب رئيس، وهو اقتراع نواب “الثنائي الشيعي” كما أكد بري لصالح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية بعدما كانوا في الجلسات السابقة، قبل دعمهم رسمياً ترشيحه، يعمدون إلى الاقتراع بالورقة البيضاء.

مصادر سياسية مطّلعة، تتوقّع عبر “جسور” مرحلةً جديدة من الإتصالات الداخلية والخارجية، بهدف بلورة الأمور قبل الوصول إلى موعد جلسة الإنتخاب الأسبوع المقبل، وتشير إلى أن التطورات الأخيرة قد نقلت الإستحقاق الرئاسي إلى مكان مختلف، موضحةً أن الموضوع قد بات يتمثل في تحديد أفق المرحلة المقبلة، وليس فقط انتخاب رئيس للجمهورية. فما هي إذا الخيارات المتاحة على صعيد الانتخابات الرئاسية؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة ؟

خيار ثالث ؟

هذه الدعوة التي لطالما كانت مطلباً للمعارضة، والتي كان قد ربطها بري بإعلانها الرسمي عن مرشحها، فتحت الباب على كل السيناريوهات التي ستكون عليها الجلسة المقبلة مع الغموض الذي لا يزال يحيط بمواقف عدد من الكتل والنواب، وأبرزها الحزب “التقدمي الاشتراكي” الذي يرأسه النائب السابق وليد جنبلاط، الذي لم يحسم خياره بعد وفق ما أكد عضو اللقاء الديمقراطي، النائب بلال عبد الله، لـ “جسور”، بانتظار عودة رئيس الحزب وليد جنبلاط ونجله النائب تيمور من فرنسا لاجتماع الكتلة، والتي من المرجّح أن يكون غدا الخميس.

وبحسب مصادر “جسور”، فإنّ اتصالات سرّية سجّلت في الساعات الماضية بين قيادات مسيحية وتيمور جنبلاط، للتباحث في مسألة تأييد المرشح الوزير السابق جهاد أزعور، بعد التداول بإمكانية الإستعانة بالورقة البيضاء، أو إنقسام التكتل الجنبلاطي والتصويت مناصفة، منعاً لـ “زعل” بري من حليفه وليد جنبلاط.

وبعد ترشيح قوى المعارضة والتيار الوطني الحر للوزير السابق جهاد ازعور، أصبح هذا الخيار أحد الاحتمالات المطروحة بقوة على صعيد موقع الرئاسة الاولى وذلك في مواجهة المرشح فرنجية وفي ظل الرفض القوي من قبل الثنائي الشيعي لترشيح أزعور، ولذلك اعتبرت بعض الاوساط السياسية ان الرفض المتبادل من قبل القوى السياسية لدعم أزعور وفرنجية قد يؤدي لاسقاطهما معا والدعوة الى خيار ثالث، وهذا ما يفتح الباب أمام عودة التدخّل العربي والدولي، من أجل تهيئة المناخات أمام مرشح توافق، كخيار حتمي، للحؤول دون استمرار الشغور الرئاسي الذي يهدد البلد بعواقب وخيمة.

جلسات مفتوحة

مصادر المعارضة تصرّ على إبقاء جلسات الانتخاب مفتوحة، حتى يصار في نهايتها إلى انتخاب الرئيس العتيد، ولو استغرق الأمر جلسات، وهو ما طالب به النائب فواد مخزومي بعد زيارته مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، في حين شدد النائب ميشال معوض، على أنه “ليس المهم الآن الدعوة لانعقاد جلسة انتخاب الرئيس وإنما الجدية والانتخاب”، باعتبار أن القوى المعارضة تدرك أن الفريق الآخر ليس في وارد تسهيل أمر الانتخابات الرئاسية، لأنه لا يريد الاحتكام إلى المسار الديمقراطي، من خلال الركون إلى عملية انتخابية سلسة بين مرشحين.

في المقابل، اعتبر النائب عبد الرحمن البزري الذي لم يعلن موقفه بعد إلى جانب عدد من النواب المستقلين، أنّ الاصطفاف الحالي الذي بات طائفياً لا يحقّق آمال اللبنانيين وطموحاتهم.

وشرح البزري في اتصال مع “جسور” موقفه من الترشيحات، لافتاً إلى أنه والنائبان أسامة سعد وشربل مسعد ونواب من التغييرين ما زالوا يدرسون الوضع لاتخاذ الموقف الصحيح من انتخاب رئيس للجمهورية، وقال: “نحن لا نريد معركة مرشح مدعوم من الثنائي الشيعي ضدّ مرشّح مدعوم من الأكثرية المسيحية”.

ورأى أنه للخروج من هذه الدوامة هناك خيارات متعددة، منها الذهاب إلى الانتخابات، وليفز من يفز، أو ترشيح شخصيّة ثالثة تتلاقى مع الطرفين. وسأل: “إذا لم يكن لدى أحد من المرشحين 65 صوتاً فهل ستكون هناك جلسات متتالية للإتيان برئيس أم ستكون فرصة لإيجاد اسم آخر؟”.

وتابع البزري: “القراءة الأولية للخارطة النيابية تشير إلى أنّ هناك صعوبة في الحصول على الأكثرية المطلوبة في ظل هذا الجو المشحون، وعندما يتأكد الفريقان من أنهما لا يستطيعان الوصول إلى هدفهما المنشود ألا وهو انتصار تموضعهما على التموضع الآخر، فنحن نقدّم الخيار الثالث المتمثّل بشخصية ذات مواصفات أو شروط يمكن أن تتقاطع عندها مختلف القوى اللبنانية.”

هل سيُنتخب أزعور ؟

ووفق الكواليس الرئاسية والترجيحات، يقول مراقبون إنّ اتّفاق المسيحيين فيما بينهم على أزعور هو الحدث الأساس في جلسة الإنتخاب المقبلة، إذ أنّ معظم نواب “التيّار الوطنيّ الحرّ” سيُدلون بأصواتهم لأوّل مرّة لأحد المرشّحين. لكن المشكلة التي تُواجه المعارضة والنائب جبران باسيل، هي عدم إلتفاف جميع النواب على دعم ترشّيح أزعور، فالبعض من نواب تكتّل “لبنان القويّ” لا يُوافقون رئيسه على الإقتراع لشخصيّة لا تمتّ بصلة إلى مشروع “التيّار” السياسيّ.

ويوضح المراقبون أنّ جلسة الأربعاء لا تعني أنّ انتخاب الرئيس قد اقترب، ولا تعني أنّ برّي و”حزب الله” قدّما تنازلاً للمعارضة بتسهيل إيصال أزعور، كما أنّ نواب “الوفاء للمقاومة” و”التنميّة والتحرير” سيُطيّرون النصاب بعد الجولة الأولى، وستكون الجلسة المقبلة كسابقاتها.

اخترنا لك