بقلم رمال جوني
ممنوع الاقتراب من «الخط الأزرق»، هذا ما تترجمه إسرائيل عملياً على الأرض في الجنوب، بعدما أطلق جيشها الرصاص على الراعيين أمجد المحمد وربيع الأحمد من بلدة الوزاني وأصابهما في الرأس والقلب. وهذا ما أعلنه الناطق الرسمي باسم »اليونيفيل» أندريا تيننتي من أن «الاقتراب من الخط الأزرق هو أمر حساس للغاية على الدوام، ولكنه يصبح أكثر حساسية في الوضع الحالي».
لم يكن في حسبان أمجد وربيع أن يخسرا حياتهما لمجرد الاقتراب من الحدود عند منطقة الوزاني، حيث اعتادا ارتيادها يومياً لرعي الماشية، إلا أن اسرائيل قتلتهما، لمجرد شكها في أنهما قد يكونان على علاقة بالمقاومة. هذا ما يردّده أهل الوزاني الغاضبين، وقد شيعوا الشابين وسط حزن عارم.
إنقلبت يوميات الجنوبيين منذ بدء الحرب، ساعاتهم ترقب وحذر، فيما يوسّع الإسرائيلي رقعة اعتداءاته على القرى الحدودية، وقد استهدف منازل مدنيين في العديسة وعيتا الشعب، وواصل قصفه الضهيرة واللبونة بالقنابل الفوسفورية الحارقة.
على وقع تلك الاعتداءات، توجّه وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي الى الجنوب، حاملاً في جعبته رسالة «اطمئنان»، مؤكداً أنّ «الجنوب رئة لبنان»، لم يحمل معه الدعم المادي للنازحين، هدفت زيارته للاطلاع على حسن سير خلايا الأزمة، وهي تتخبط كل يوم بشح الدعم والمساعدات التي تصل بالقطارة الى النازحين.
في سراي النبطية الحكومية أعلن مولوي أنّه هنا «لنقول للناس إنّ الدولة موجودة، وهي إلى جانبهم، وجميعنا بعضنا مع بعض، وغرفة إدارة الأزمات والكوارث الموجودة ستكون مرآة لوزارة الداخلية في محافظة النبطية، لكي يكون لديها كل المعلومات والقرارات والتوجيهات، لأنه في فترة الأزمات ستكون القرارات سريعة جداً، وإن شاء الله لا تحدث أزمات».
لم يتحدث مولوي عن الدعم والتدخل العملي، أبقى الأمور طي الكتمان في انتظار اتضاح الصورة، استمع من رؤساء البلديات الى هواجسهم وتخوفهم من عدم توفر الدعم للنازحين، غير أنه كرّر مراراً وتكراراً أنّ الدولة موجودة ووضعت خطة تدخل طوارئ سريعة.
مكث مولوي أقل من نصف ساعة في مدينة النبطية التي يزورها للمرة الأولى منذ تولّيه الوزارة، وانتشرت عناصر الدولة في الطرقات لتأمين الحماية، فيما يحتاج من نزح من الحدود الساخنة إلى حماية مضاعفة، غير أنها ليست متوافرة حالياً.
من النبطية انتقل مولوي إلى مدينة صور التي تعجّ بالنازحين الذين تجمعوا في 4 مراكز إيواء، وهناك كرّر القول إن «اللقاء هو لقاء الوطن بالوطن»، في رسالة منه أنّ الدولة حاضرة، واستمع من عدد من النازحين إلى معاناتهم ومخاوفهم. بعض أبناء الضهيرة عبّروا عن خشيتهم من القنابل الفوسفورية الحارقة التي دفعت ببعضهم لترحيل أبقارهم وماشيتهم إلى مراكز الإيواء، والبعض سأل عن الدعم، وغيرها من الهواجس التي لا تنتهي».
مولوي استمع من رئيس وحدة إدارة الكوارث في صور مرتضى مهنا إلى شرح تفصيلي حول الأعداد والتقديمات، إذ لفته مهنا إلى أنّ عدد النازحين وصل في صور إلى 11212 نازحاً بينهم 800 نازح في مراكز الإيواء الأربعة، وأنّ الوحدة موصولة بإدارة الكوارث في محافظة الجنوب، يديرها فريق من المتطوعين يسجّلون كل الأسماء، إضافة إلى ترتيب آلية توزيع المساعدات وفق خطة وآلية مدروسة وموثقة.
المولوي أكد من جهته أنّ هذه الخطة هي أساس عمل بناء الدولة، سيتم استعمالها واستثمارها بشكل دائم، سواء في ملف النازحين السوريين أو النزوح المستجد أو متطلبات العمل الإداري في المحافظات والبلديات.
وعن المساعدات قال إنّ للبنان دولاً صديقة، وإنه يرحب بكل مساعدة تأتي شرط ألا تكون مشروطة، لأنه «لا يمكن للبنان أن يكون مرتهناً لأحد لقاء أي مساعدة».
جولة مولوي انتهت على أصوات القصف وقد تصاعدت وتيرته في القطاعين الأوسط والشرقي، وأيضاً في القطاع الغربي، حتى أنه طال للمرة الأولى بلدة يحمر الجنوبية التي استهدفت أطرافها بالقذائف الصاروخية، كما وسّعت اسرائيل رقعة استهدافاتها حيث قصفت خط الطفافات في الناقورة وسط تصعيد لافت في الاعتداءات.