عيد… الاحتلال

بقلم عقل العويط

22 تشرين الثاني 2023. هنا بيروت. هنا الجمهوريّة اللبنانيّة ( سابقًا ).

لم يعد من جمهوريّةٍ، ولا من حياةٍ لتُعاش في هذه الـ10452 كيلومترًا. Y compris طبعًا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. كما في الجوار. والضاحية. وضاحية الضاحية. وبيروت المحروسة التي لم تعد محروسةً ولا عاصمة. وصولًا إلى نواحي النهر الكبير.

لم يعد من قصرٍ في بعبدا، ولا من مجلسٍ للنوّاب في ساحة النجمة، ولا من حكومةٍ في سرايا الحكومة.

ولا من حرمون ولا من صنّين أو من أيقونة المكمل. ولا من أغنية. ولا من شجرة زيتون. ولا من دولة. وتأكيدًا، لا من سيادة.

كلّ استقلال، إذًا، وكلّ احتلال، ولبنان ليس بخير.

الموت الرحيم، نريد الموت الرحيم. لا مطالب لدينا أخرى. ولا حتّى الـ 1701، ولا الفصل السابع.

نطالب مَن؟ وبماذا؟ العالم الحرّ سرطان. العالم الظلاميّ شرحُهُ. القطعان قطعان. القيم تحت الدعس. الأمم المتّحدة عارٌ ليس بعده من عار. مجلس الأمن، حدِّث ولا حرج. كذا يُقال عن محاكم العدل الدوليّة وحقوق الإنسان وأماني الشعوب وكرامات الدول.

فرنسا أوروبا تنكّرت لنفسها. الحلم أيضًا.

من شيم المرء الترفّع لا الإجهاز. لكنّ المرء مطلقًا، خصوصًا الحديث والمعاصر، عاد يكون بلا شيم.

الأمم لا سيّما، والرؤساء، والقادة، وأهل البنوك والمال، وكرادلة السلاح، ومَن يكبس على الأزرار النوويّة، وسماسرة الجغرافيات، والخطّ 29، وترسيمات الحدود، وباعة الكبتاغون، ويوم الجمعة، ويوم الأحد، وحرّاس الإبادات والمقابر الجماعيّة، وغربان القتل والموت، في كلّ مكان وزمان، كما الآن.

“لبنان الكبير” ما عاد “كبيرًا”.

ثمانون عامًا ولبنان يجرجر جلجلته. أما آن أوان القيامة؟!

ثمانون عامًا ولبنان يجرجر احتلالاته، احتلالًا بعد احتلال. أما آن أوان تحريره؟!

إذا لا، إذا ذلك مستحيل، أي إذا لا احتمال لقيامة أو لتحرير، فليُقضَ الأمر، اليوم لا غدًا، ولا بعد بعد غد.

فلتُطلَق الرصاصة، رصاصة الرحمة، الرصاصة الأخيرة، في الصدغ، رأفةً بالحشرجة، وبالعينين الناظرتين إلى الله، أو… إلى العدم.

مَن منكم بلا خطيئة، ولا سيّما مَن يرهن لبنان، ومَن يحتلّه، و”َمن يحرّره”، فليرجم هذا اللبنان بحجر. لكن عبثًا. لا جدوى.

ألا تذكرون محاكمة يسوع؟ أم تريدون استعادة ذلك المشهد (الصهيونيّ) لإعادة إحيائه وتجسيده، هنا والآن؟

خذوه منّي. هاكم إيّاه، موثَّقًا بالصوت والصورة والحبر: القاتل قاتل. والحاكم قاتل. والقاضي قاتل. والواقف على الحياد قاتل. والشاهد قاتل. والساكت قاتل. والغاسل يديه قاتل. والمتغاضي قاتل. والجبان قاتل. والمستبدّ قاتل. والتلميذ قاتل.

كلّهم (كلّكم) قاتل. ودائمًا وأبدًا، وقبل صياح الديك.

22 تشرين الثاني 2023. هنا بيروت. هنا الجمهوريّة اللبنانيّة.

كلّ احتلال، ولبنان ليس بخير.

لم يعد من حياةٍ لتُعاش.

لم يعد من قصرٍ في بعبدا، ولا من مجلسٍ للنوّاب في ساحة النجمة، ولا من حكومةٍ في سرايا الحكومة.

ولا من حرمون ولا من صنّين أو من أيقونة المكمل. لم يعد من أغنية. من شجرة زيتون. ولا من دولة. وتأكيدًا، لا من سيادة.

لبنان في عيد احتلاله، يطلب رصاصة رحمة. فقط رصاصة رحمة.

رأفةً بالحشرجات، وبعينيه الناظرتين إلى الله، … إلى العدم.

اخترنا لك