انقلابات ‘حزب الله’ : رحلة تناقضات وتحوّلات

بقلم بلال مهدي

يأخذ الصحافي طوني بولس على عاتقه مهمة استكشاف مسار “حزب الله”، محللاً التناقضات والتحولات التي أثرت في مساره السياسي. يركز بولس على عدة نقاط رئيسية تسلط الضوء على مراحل هامة في تطور الحزب، وتشكل مفاتيح لفهم تحولاته.

على ضوء الأحداث التاريخية لـ “حزب الله”، انطلق بولس من مشهد تاريخي ملتقط منذ العام 1989، يوم وقع “حزب الله” اتفاق الطائف، لكن سرعان ما تنصل من التزاماته ورفض تسليم سلاحه، أسوة بباقي المليشيات.

امتدت التحولات في عام 1992 عندما تولى رفيق الحريري رئاسة الحكومة، حيث تفاهم مع “حزب الله” ضمنيًا على البقاء خارج الحكومة باعتبارهم حركة مقاومة. لكن سرعان ما انقلب الحزب على هذا التفاهم، مشعلاً نيران حرب عام 1993.

في عام 1996، حاول رفيق الحريري تنظيم “المقاومة” باتفاق نيسان، لكن “حزب الله” انقلب عليه وأسقط حكومته بالتنسيق مع النظام السوري.

عام 2005، شهد اغتيال رفيق الحريري على يد “حزب الله”، وذلك لإزالة المعوقات التي تعترض دخول المشروع الإيراني.

في عام 2006، وخلال جلسات الحوار، أعلن نصرالله التزامه بقبول استراتيجية دفاعية والتنسيق في ملف الحدود الجنوبية، إلا أن هذا الالتزام تحول بعد أشهر إلى اندلاع حرب تموز.

بعد الحرب، وقع “حزب الله” على مندرجات القرار الدولي 1701، لكنه بدأ رحلة الانقلاب عليه وتفريغه من مضمونه، مما أدى إلى التوتر مع قوات اليونيفيل.

تحولات ما بعد 1701…

بولس استكمل رحلته في تسليط الضوء على المحطات المثيرة بعد حرب تموز، حيث أظهرت المجريات الأخيرة بوضوح أن سلاح “حزب الله” والمقاتلين الذين يبلغ عددهم مئات الآلاف لا يستطيعون تحقيق حماية فعّالة للبنان وبالتأكيد لا يمتلكون القدرة الكافية لتحرير القدس كما يزعمون.

فقد أحدثت السنوات التالية على إتمام تلك الحرب تحولات كبيرة في مواقف “حزب الله”، ومن بين تلك التحولات، وفي غفلة من الزمن، شهد عام 2010 انقلابًا دراميًا حين قرر “حزب الله” الانفصال عن حكومة سعد الحريري، مسقطًا الاتفاق السابق الذي أُبرم حول حكومة الوحدة الوطنية.

أما عام 2011، فكانت لحظة توقيع “حزب الله” على إعلان بعبدا، في خطوة يبدو أنها تعزز التفاهم مع الرئيس ميشال سليمان. ومع ذلك، لم يمر الكثير من الوقت حتى انقلب الحزب على هذا التحالف، خائضًا معاركه في أراضي الحرب السورية.

وفي 2016، وقع “حزب الله” على بيان وزاري ينص على النأي بالنفس، ولكنه تدخل في شؤون الدول العربية وهاجم السعودية عبر اليمن.

لم يكن عام 2019 استثناءً، إذ واجه “حزب الله” ثورة شعبية في لبنان، حيث هدد المتظاهرون واستخدم المؤسسات بوجههم.

وكانت السنة الأخيرة في هذه الرحلة الدرامية، عام 2022، حيث قام “حزب الله” بانقلاب جديد على نتائج الانتخابات النيابية، مُغلقًا باب السلطة التشريعية، ورافضًا بشكل حازم انتخاب رئيس للبلاد لا يخضع لسيطرة الحزب الكامل.

تحديات “حزب الله”

إعادة تقديم تحليلات وآراء متعددة حول مواقف “حزب الله” تسهم في فهم أكثر عمقًا للتحولات التي حدثت على مر الانقلابات. كما يظهر من خلال المحطات المختلفة كيف تتغير الديناميات وكيف يتفاعل “حزب الله” مع التحديات المختلفة في المشهد الداخلي و الإقليمي .

بولس، قد أعاد صياغة تاريخ أحداث “حزب الله” الحديث. كما يتضح من خلال هذه المراجعة، فإن تطور المواقف والتحالفات عبر الزمن يسلط الضوء على التحديات الداخلية والخارجية.

تحمل هذه التحولات تحديًا كبيرًا فُرض على المجتمع اللبناني التعامل معه، ويتوجب مواجهة “حزب الله” به.

اخترنا لك