المنارة

بقلم غسان صليبي

امشي
في الصباح الباكر
انا وصديقي احمد
على كورنيش المنارة.

نتفق
على نعي البلاد،
مع اننا نواصل معا
وكلٌ بمفرده،
محاولة بعد محاولة
لإنعاش بعض أعضاء الميت.

يجلس احد المارة
على مقعد،
يضع الى جانبه آلة تسجيل
يصدح منها صوت فيروز،
فيما هو يستغرق في النظر
الى البحر.

العدو
وراءنا
والبحر
امامنا،
وفيروز
مسمّرة
على المقعد.

كانت فيروز
منارة
مخيلتنا الوطنية،
وعامود المنارة
كان هنا
ليهدي المراكب
الى شواطئنا،
قبل أن تغيّر من وجهتها
وتحملنا على متنها
لتغرق بنا في البحر.

اترك صديقي
واتوجه الى معرض الكتاب
في يومه الأخير،
نصحني احمد بكتابين
واحد عن متاهات اليسار
وآخر عن مرآتنا الوطنية المتشظية.

أتفقد كتبي المعروضة،
“متاهات التغيير في زمن الممانعة
وانسانية يسوع”
في دار سائر المشرق،
و”زهرة في حائط
وانتفاضة ١٧ تشرين
ونساء يواجهن الظلم”
في دار نلسن.

التغيير
يواصل متاهاته
في زمن الممانعة،
الانتفاضة تحولت
الى مجرد ذكرى مؤلمة،
لا أثر يُذكر
لإنسانية يسوع،
لا بين اتباعه والمتكلمين بإسمه
ولا بين الذين يسمّونه “عيسى”،
نساء بلادي
خفُتَ صوتهن
حتى هذه الأيام ال١٦ العالمية
لمناهضة العنف ضد المرأة.

وحدها
الزهرة
لا زالت
تنبت
في حائط.

زهرة الحائط
تبقى منارتي
لمعرفة حقيقة الحائط
الذي لن يتصدّع،
لا بزلزال ولا بصاروخ ولا بضربات معول،
بل بالمزيد من التشققات
التي تحدثها زهرة بعد زهرة
في قلبه المتحجّر.

اخترنا لك