١٧ تشرين… ما أحوجنا لانتفاضة العودة الى الشعب ومن الشعب

الى الشارع والى كل الساحات على امتداد الوطن

بقلم كاسترو عبدالله – نقابي وناشط سياسي

شتان بين انطلاقتها وبين اليوم، والحلم الذي راود الشعب اللبناني بالتغيير من خلال اسقاط هذا النظام السياسي الطائفي العفن ورموزه الذي يستحضر لنا الويلات والكوارث والحروب كلما شعر بدنو أجله .

وبين الأمس واليوم وبعد مرور 3 سنوات على انتفاضة شعب أراد الحياة نشاهد الى اين أوصلت هذه المنظومة السياسية الفاسدة شعبنا بكل فئاته الشعبية من عمال ومن مزارعين وذوي دخل محدود ومياومين ومتعاقدين و موظفين ومتقاعدين في القطاع العام من فقر وجوع وموت ورفع كلي لكل معاني حياة العيش الكريم في لبنان، ولماذا اعتبرت هذه المنظومة السياسية الحاكمة بكل فسادها ونهبها المنظم على مدى 30 عاما من حكوماتها المتعاقبة على السلطة ومن خلال حلفائها كبار التجار وأصحاب الشركات وحليفها الأساسي جمعية مصارف لبنان، وعلى راسهم الكارتيل الأكبر ومهندس عمليات سطوها على خيرات وثروات الوطن والشعب وافراغ خزينة الدولة من المال العام وإفلاسها حرامي مصرف لبنان رياض سلامة ولماذا اعتبرت نفسها أنها انتصرت وسحقت كل أحلام وامال الشعب اللبناني بالتغيير الديمقراطي و محاسبة الفاسدين والمجيء بحكومة مستقلة من خارجها بإقرار قانون انتخاب خارج القيد الطائفي يعتمد النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة .

اعتبارات ذلك متعددة ومنها شيطنة السلطة السياسية لانتفاضة 17 تشرين من خلال تحشيد الاعلام المسيس التابع لها وضخ العشرات من ملايين الدولارات لهذه المهمة ودخول جزء لا يتجزأ من قوى فسادها ونهبها الى صفوف الانتفاضة، واللعب على الوتر الطائفي والمذهبي للتحشيد في الشارع وهو ما ظهر للعلن فيما بعد، وكانت المهمة الأساس لهم الوصول الى شارع مقابل شارع من أجل شرذمة صفوف الانتفاضة وذلك من خلال ادخال العامل الطائفي والمذهبي على الانتفاضة ومن اجل ان يبدو المشهد على هذا النحو المخطط له، ولقد نجحت القوى الطائفية في السلطة الى حد كبير في ذلك، واستطاعت تحييد اتباعها وابقائهم  في منازلهم وزرعت في نفوسهم الخوف من انتصار انتفاضة 17 تشرين ومن تحقيق مطالبها الشعبية، مما يضع الامتيازات الطائفية في السلطة لكل طائفة بمهب الريح، ومما ساعد على ذلك هو عدم إقرار برنامج انقاذي سياسي اقتصادي اجتماعي ورؤية واضحة تراكم التحركات في الشارع والساحات وعلى امتداد الوطن من قبل قوى انتفاضة 17 تشرين.

وهو ما طالبنا به في الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان ( FENASOL ) في بدايات الانتفاضة التي كان لنا الشرف في إطلاقها وفي المشاركة بشرارة انطلاقتها الاولى نحن وكل القوى الديمقراطية الحقيقة المعنية بالتغيير ومع كل القوى الشعبية من عمال ومزارعين وذوي دخل محدود وهيئات وجمعيات شبابية ونسائية وطلابية من اجل اسقاط الفساد والفاسدين في الشارع والسلطة بكل مكوناتها، وعلى الرغم من شفافية  المطالب  المعيشية والصحية  والاجتماعية ، والشعار السياسي الواحد احد ، “كلن يعني كلن”  ولا فرق بين الافرقاء الطائفية في السلطة وبأنهم كلهم شركاء في المحاصصة وفي تقاسم الثروات والنهب المنظم ، الا اننا فشلنا  كقوى 17 تشرين بكل تلاوينها السياسية والنقابية والشعبية من وضع برنامج مرحلي يوحد الرؤية السياسية  والمطالب الشعبية وصولا لإسقاط السلطة الفاسدة في الشارع .

وغدا هو يوم الاثنين وهو الذكرى الثالثة لانطلاقتها فأين نحن منها اليوم ؟ وأين هي القوى الملتزمة قضايا الشعب ؟ وأين هو شعب انتفاضة 17 تشرين المجيدة ؟!!

نحن لسنا هواة مناسبات سنوية وتظاهرات رمزية لقوى تدعو ودعت لهمروجة وللتجمع يوم الاثنين في ساحة الشهداء وكلنا يعلم بأنهم باتوا جزءا لا يتجزأ من السلطة السياسية الفاسدة ومن أدواتها ودليلنا على ذلك هو عدم دعوتهم لاي تحرك او  أي تجمع او تظاهر لإحياء 17 تشرين في الشارع ولمواجهة السلطة وحكومتها التي رفعت الدعم الكلي عن شعب بأكمله بناء لأوامر ولمتطلبات صندوق النقد الدولي، وجعلت 86 % من العائلات اللبنانية ترزح تحت مستوى خط الفقر والجوع والموت على أبواب المستشفيات، واوجدت لنا الكارتيلات على كافة المستويات من الغذاء، الى الدواء، الى الطحين ورغيف خبز الفقراء، الى المحروقات، الى المستشفيات، الى التعليم حيث نفذت المدارس والجامعات الخاصة ما وعدتنا به من دولرة للتعليم في ظل صمت مطبق لوزير التربية والتعليم العالي ، الى المحاولات المتكررة للحكومة من اجل اقفال الجامعة اللبنانية جامعة الشعب والفقراء من خلال محاصرتها ماليا وعدم دعمها تلبية لشروط صندوق النقد الدولي ، وهو ما يحضر الآن للقطاع العام بكل إدارته وموظفيه ومتقاعديه ، ورمي ما يقارب 300 ألف موظف في الشارع تمهيدا لخصخصة القطاع العام .

أمام هذا المشهد التجويعي والكارثي وتزايد جيش العاطلين والمعطلين عن العمل لم نلحظ من البعض مدعي التشرينية طيلة أكثر من سنة أي دعوة للتحرك في مواجهة حكومة صندوق النقد الدولي ورئيسها النجيب برفع الدعم عن الشعب، على الرغم من دعواتنا المتكررة للجميع للتلاقي و ملاقاتنا في منتصف الطريق للنزول الى الشارع معنا ومن اجل اعلان العصيان المدني الشامل الذي اطلقناه ودعينا إليه في الاتحاد الوطني بعد ان طفح كيل الافقار والتجويع للشعب ولنا شرف عدم مغادرة الشارع والساحات لليوم نحن واللقاء التشاوري النقابي الشعبي ، وما زلنا نواجه ونرفع الصوت ونعتصم ونتظاهر في معركتنا المطلبية الشاملة ضد الحكومة والسلطة السياسية و الكارتيلات وحيتان مال المصارف.

ودعوتنا المتكررة لاستعادة الأموال المنهوبة والإفراج الفوري عن أموال المودعين في المصارف والحفاظ على الضمان الاجتماعي وتطوير تقديماته وإقرار ضمان الشيخوخة لمن بلغ السن القانونية للتقاعد وهو اليوم مهدد بالإفلاس كما حال الصناديق الضامنة الأخرى كرمى لعيون ولصالح شركات التأمين الخاصة ولمتطلبات صندوق النقد الدولي .

في الذكرى الثالثة لانتفاضة 17 تشرين المجيدة .

نجدد دعوتنا لكل القوى الملتزمة قضايا الشعب ولكل القوى النقابية الديمقراطية المستقلة ولكل القوى الشبابية والطلابية والنسائية  ولكل قوى 17 تشرين الحقيقة والشعبية البعيدة كل البعد عن التسيس السلطوي الى التلاقي والى توحيد الصفوف من اجل إعادة اطلاق شعلة انتفاضة 17 تشرين ومن اجل اعلان العصيان المدني الشامل على امتداد الوطن لانه بات الخيار الاوحد امامنا وامام شعبنا لإسقاطهم ومحاسبتهم في الشارع بعد ان خسر شعبنا كامل حقه في العيش الكريم و بغد أفضل للأجيال القادمة.

لن نتلهى بالترسيم ولا بالنفط ولا بالفراغ الحكومي ولا الرئاسي، فلقمة عيش أطفالنا اهم من كل مجريات اللعبة السياسية لكل القوى الطائفية في السلطة ، فإلى الشارع اليوم وبكرة وكل يوم ، من أجل محاصرتهم ومن أجل إسقاطهم ومن أجل محاسبة كل الفاسدين في السلطة والكارتيلات وعلى رأسهم الكارتيل الأكبر حرامي مصرف لبنان .

ومن أجل وطن ديمقراطي تسوده الحرية والعدالة الاجتماعية .


النقابي كاسترو عبد الله

رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان ( FENASOL ) .

اخترنا لك