المطران عودة في ذكرى جبران تويني : لمسؤولين يحملون خطة إنقاذية إصلاحية تعيد بناء الوطن

NNA

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس، تخللها جناز لراحة نفس جبران تويني ورفيقيه.

بعد قراءة الإنجيل المقدس، ألقى عودة عظة قال فيها: النص الذي نسمعه اليوم من إنجيل متى هو تأكيد على أن الرب يسوع إله تام، مولود من مريم العذراء بحلول الروح القدس عـليها، وفي الوقت عينه، هـو إنسان تام، ينتمي إلى سـلالة بشرية معروفة لا يمكن التشكيك بها.

واعتبرعودة: ان “الــمـــؤمـــن الــحــقــيــقـــي يــفــعـــل كــمـــا فــعـــل الـــرب، فـــلا يــخـــاف مـــن ضـــربـــات الــشـــريـــر، بـــل يــكـــون مــســتــعـــدا لــتــلــقــيــهـــا بــعـــزم وثــبــات. هـــذا مـــا فــعــلـــه حــبــيــبــنـــا جــبـــران، الـــذي رأى بــلـــده يــعـــانــي، فــمــا طــاق الــبــقـــاء بـعـيـدا عـنـه، بـل عـــاد لــيـــواجـــه الــشـــر بــكــلــمـــة الــحـــق، ولــيــكـــون إلـــى جــانـــب أبــنـــاء شــعـبـــه الــمــحــتـــاجــيــن صـــوتــا يــصـــدح بـــالــحــقــيــقـــة ولا يـتـغـاضـى عـن ظــلــم. حـــاول الــشـــر خــنـــق صـــوت جــبـــران فـــي 12 كـــانــون الأول 2005، إلا أن صـــوت الــحـــق لا يــقـــوض ولا يــكــم، ويــصــبـــح أقـــوى بــعـــد الــمـــوت. ســبـــع عــشـــرة ســنـــة مـــرت عــلـــى اغــتــيـــال الــحــبــيـــب جــبـــران، ومـا زال صـــوتـــه مــدويـا، مـــذكـــرا الــلــبــنـــانــيــيـــن بـــأن يــبــقــوا مــوحـديــن، دفـاعــا عــن لــبـنـان الــعــظــيــم”.

وقال: “فـــي هـــذا الــعـــام، الـــذي مـــرت فــيـــه ذكـــرى اســتــقـــلال لــبــنـــان بــصــمـــت وحـــزن وفـــراغ، نــســتـــذكـــر قـــول جــبـــران: (الــمــحـــافــظـــة عــلـــى الاســتــقـــلال تــكـــون بــتــعـــزيـــز إيــمـــانــنـــا بـــه وبـــوحــدتــنــا، وحـــدة لــبــنــان مــكــرســـة، وحـــدهـــا الـــوصـــايـــة الــخـــارجــيـــة تــهـــددهـــا) (2005). نـــادى جــبـــران مــنـــذ شــبـــابـــه بــنــبـــذ الأنـــانــيــات والــمــصـــالـــح قــائــلا: (صــمـــدنـــا مــعـــا لــيــحــيـــا لــبــنـــان، فـــإيـــانـــا وإيـــاكـــم أن نــخـــون حــلــمــنـــا وأن يــســقـــط وطــنــنـــا فـــداء أنـــانــيـــات وأســبـــاب عــبــثــيـــة) (1989). لــكـــن الــشــعـــب كـان ومـا زال أســيـــر طــغــمـــة ســيـــاســيـــة تــحــكـمـــه وتــتــحــكـــم بــمــصــيـره، واضــعــة مــصــالــحــهــا فـــوق مــصــلــحـــة الـــوطـــن، مـــا دفـــع جــبــران إلــى الــقـول: (مـــا يـــريـــده الــشــعـــب هـــو إلــغــاء هـــؤلاء الــســيـــاســيــيـــن الـــذيـــن يــومــيـــا يــبــيــعـــون الـــوطـــن مـــن الــخـــارج، فــي حــيــن يــبــيــعـــون الـــداخــل مـــواقــف كــاذبــة، إلــى مــتـــى ســنــظـــل نــقــبـــل بـــأن يــحــكــمــنـــا الــفــاشــلـــون الــمــفـــروضـــون عــلــيــنـــا بـــالــقـــوة لــتــشـــويـــه ســمــعــة لــبــنـان والإجــهـــاز عــلــيــه؟) (1986). مـــاذا كـــان جــبـــران لــيــقـــول فـــي هـــذه الأيـــام الــقـــاتــمـــة الــتـــي تــمـــر عــلـــى لــبــنــان والــلــبــنـــانــيــيـــن، بــســبـــب أشــخـــاص يــعــمــلــون مــن أجــل مــنــافــعــهــم ومــراكــزهــم، تــقــودهــم أنــانــيــاتــهــم، ولا يـــرون فـــي بــلـــدهــم ســـوى قـــالـــب حــلـــوى يــتــقــاســمــونــه بـــدلا مـــن الاحــتــفـــال بـــه مـــع أبــنـــاء الــشــعـــب”.

وأردف: ” بــعـــد ســنـوات عــلــى اغــتــيــال جــبــران، وقــبــلـــه وبــعــده أعــداد مــن الأبـطـال الـــذيــن نــادوا بـقــيـام دولــة الــقــانــون والــعــدالـة، دولـة الـحـــريــة والأحــرار، دولــة حــديــثــة يـكـون فــيـهـا الــحـكـام خـدامـا امـنـاء لـوطـن يعــيـش فـيـه جـمـيــع أبــنــائــه فــي كــنــف دولــة ديــمــقــراطــيـة تــرعــى جــمــيــع مــواطـنــيــهــا بــالــحــق والــمــســاواة والــعــدالــة، وتـحـمـيـهـم مـن كـل اعـتـداء، نــتــســاءل هــل هــدرت دمــاؤهــم عــبــثــا ونــحــن نــتــراجــع يــومــا بــعــد يــوم، ودولــتــنــا تــتــفــكــك ودســتــورهــا يــداس وسـيـادتـهـا مــنـتــقــصـة وهــيــبــتــهــا تـــزول؟”.

وقال: “لــقــد قــتــلــوا جــبــران لأنــه حــر، مــســتــقــل، نــزيــه، جــريء فــي قــول الــحــقــيــقــة، ثـــائــر عــلــى الــفــســاد والــكــذب والــظــلــم والإستـتـبـاع، رافــض لــلإنــحــطــاط الــســيــاســي والــتــفــلــت الأمــنــي والإهــتــراء الإداري والإرتــهــان لــلــخــارج عــلــى حــســاب لــبــنــان. والـمـــؤســف أن مــا كــان يــشــكــو مــنــه جــبــران قــد تــضــاعــف، ولــيــس أحــد بــريــئــا مــن دم هــذا الــلـبــنــان لأن الــجــمـيــع ســاهــمــوا فــي طــعــنــه وجــلــده والــتــنــكــيــل بــه، وآخــر بــدعــهــم تــعــطــيــل انــتــخــاب رئــيــس لــلــجــمـهــوريــة، واعــتــمــاد أســالــيــب لا تــمــت إلــى الــدســتــور بــصــلــة. صــحــيــح أن مــتــاريــس الــحــرب أزيــلــت لــكــن أخــلاقــيــات الــحــرب مــا زالــت مــســتــمــرة، وألاعــيــب الــســيــاســيــيــن بــاتــت مــكـشــوفــة، وخــطــايــاهــم الــكــثــيــرة قــد أوصــلــتــنـا إلــى مــا نــحــن فــيـه”.

وسأل: “هــل نــســتـسـلــم أمـام مــن يــنــحــرنــا؟ هــل نــتــرك الــيــأس يــغــزو نــفــوســنــا؟ أم نــشــهــر ســيــف الــمــطــالــبــة بــإصــلاحــات جــذريــة تــضــع حــدا لــكــل فــســاد وتــهــاون وإســاءة لــلــبــلــد وأبــنــائــه، وتــقــتــص مــن كــل مــعــتــد عــلــى الــدســتــور وعــلـى الــقــوانــيــن وعــلـى الــمـواطــنـيــن وحــقــوقــهــم، وتـعـاقـب كـل مـن يـتـطـاول عـلـى سـيـادة الـدولـة وأمــنـهـا؟”، مضيفا “نـكـرم ذكـرى جـبـران بـالـصـمـود، بـرفــض الـحـقـد والـقـهـر والـخـنـوع ، ومـحـاسـبـة النــواب عـلى مـمـارسـاتـهـم الـعـقـيـمـة والـمـذلـة لـمـنـتـخـبـيـهـم، ونـكـرر مـا قـلـنـاه مــرارا: نــحــن بــحــاجــة إلــى مــســؤولــيــن، وعــلــى رأســهــم رئــيــس لــلــبــلاد، ذوي ضــمــيــر حــي، يـدركـون عـظـم مسـؤولـيـتـهـم ويــحــمــلــون خــطــة إنــقــاذيــة إصــلاحــيــة واضــحــة تــبــاشــر فــي إعــادة بــنــاء الــوطــن الــذي اســتــشــهــد جــبــران وجــمــيــع الأحــرار مــن أجــلــه”.

وختم عودة: “لـنـرفـع الـدعـاء مـعـاً مـن أجـل راحـــة نــفـــوس جــبـــران ورفــيــقــيـــه أنـــدريـــه ونــقـــولا، كما لـــراحـــة نــفـــوس جــمــيـــع مـــن ســقــطـــوا دفـــاعـــا عـــن لــبــنـــان الــعــظــيـــم، بـــإرادتــهـــم، أو غــصــبـــا عــنــهـــم، مــثــلــمـــا حـــدث فـــي 4 آب 2020، عــنـــدمـــا نـحـروا جـزءا مـن بـيـروت وقـضـى الــمــئـــات مـن أبـنـائـهـا فـيـمـا كـانـوا هـــانــئـيـن فـــي أمـاكــنـهــم. صـــلاتــنـــا ألا تـــذهـــب هــبـــاء لا دمـــاؤهــم، ولا جــهـــادات كـــل الــلــبــنـــانــيــيـــن الـــذيـــن يـــذلـــون يـــومــيـــا، صـــائـــريـــن شــهـــداء وهــم أحــيـــاء يـنـاضـلـون مـن أجـل حـيـاة كـريــمــة. دعــاؤنـــا أن يــحــفـــظ الــطــفـــل الإلــهـــي، الـمـولـود مـــن نــســـل بــشـــري، جــمــيـــع أبــنـــاء هـــذا الــبــلـــد الــحــبــيـــب، وأن يــوقـظ مـــا تــبــقـــى مـــن ضــمــيـــر لـــدى الــمــســـؤولــيـــن، حــتـــى يــنــهــضـــوا الـــوطـــن والــمــواطـــن مـــن هـــوة الــيـــأس، آمــيـــن”.

اخترنا لك