حركة “تحرُّر” نظمت ورشة نقاش حول التحديات في المجتمع اللبناني التعددي

رصد بوابة بيروت

نظمت حركة تحرُّر من أجل لبنان بالتعاون مع مؤسسة أمم للتوثيق والأبحاث ورشة تفكير ونقاش بعنوان “المجتمع اللبناني التعدّدي وتحديات الأنظمة الموازية في الإعلام والاقتصاد والتربية”، في فندق Smallville ببروت، نهار السبت الواقع في 25 أيار 2024.

تميّزت الورشة بحضور لافت سياسي واجتماعي وأكاديمي وتنظيم ناجح بين الناشطات والناشطين في حركة تحرُّر والعاملين في مؤسسة أمم، في إطار استراتيجية بناء الشراكات التي تنتهجها حركة تحرُّر منذ انطلاقتها والإعلان عن مبادئها وأنشطتها المتعدّدة في السياسة والثقافة والمجتمع بما يخدم رؤيتها من أجل لبنان دولةً حديثة ليبرالية.

قدّمت أعمال الورشة الناشطة في حركة تحرُّر رنا النبهان، ثم ألقى العضو المؤسس في حركة تحرُّر د.هادي مراد كلمة الافتتاح التي قال فيها إن أحد المبادئ العشرة المعلنة لحركة تحرُّر هو التنوع ضمن الوحدة الوطنية، التنوع كمصدر غنى في ظل الحريات التي يكفلها الدستور، حيث تنظر حركة تحرُّر الى الطوائف الدينية في لبنان كمصدر غنى للتنوّع. لكن كما الحرية يضبطها القانون، كذلك التنوع يأتي من ضمن الوحدة، أي أننا نقف بشدة بوجه تمدد الأنظمة الرديفة في الأمن والدفاع والتربية والتعليم والاقتصاد والمال والصحة والاستشفاء والقضاء… مؤكّدًا على أهمية فتح النقاش اليوم حول التحديات التي يواجهها المجتمع اللبناني في ظل الأنظمة الموازية في الإعلام والاقتصاد والتربية. وتزامنًا مع ذكرى ٢٥ أيار، اعتبر د.مراد أن المقاومة فعلٌ مدني وشمولي يستفيد منه الجميع، كما كان يصفها سماحة الإمام محمد مهدي شمس الدين، رافضًا اختزالها في بعدها العسكري أو في مضمونها الشيعي.

ثم ابتدأت أعمال الجلسة الأولى تحت عنوان “الإعلام مبادرات وسلاح”، بإدارة الإعلامي والناشط السياسي جاد يتيم. وقدّم الناشط السياسي والباحث في مؤسسة أمم عباس هدلا قراءة لأهم محطات البحث التوثيقي الذي أنجزه في إطار مشروع تواريخ متقاطعة: حصّة الشيعة منها حيث يتبيّن تحوّل دور الإعلام من توثيق الخبر ونشره إلى جهاز إيديولوجي لتوجيه الرأي العام والتعمية على الحقائق والتضييق على الحريات وتشويه صورة الآخر المختلف وشيطنته.

ثم قدّم الباحث والأستاذ في الجامعة اليسوعية د. نصري مسرة محاضرة حول نشوء الجيوش الإلكترونية وأساليب عملها وتأثيرها ودورها في قلب الحقائق والترهيب وصولاً إلى تأليب الرأي العام وخلق بيئات مؤاتية للغلو والتطرّف. وخلال النقاشات التي أعقبت الجلسة، أشار الصحافي علي الأمين إلى أن الصورة الظاهرة لإعلام حزب الله لا تعكس واقع الحال حيث أن قدرات حزب الله ما هي إلا تجسيد لتسلل النفوذ الإيراني بشكل مباشر في مجتمعنا. وركّزت مداخلة لمحمود فقيه عضو تحالف وطني على دور الإعلام في تشكيل الرأي العام والتحديات التي تواجه المبادرات الإعلامية المستقلة.

في الجلسة الثانية بعنوان “الاقتصاد بين حرية المبادرة والعقوبات”، بإدارة الناشطة الحقوقية والنسوية في حركة تحرُّر ريم فارس، قدّم الباحث والأستاذ في الجامعة اللبنانية والمؤسس في حركة تحرُّر د. علي خليفة أهم ما جاء في بحثه بعنوان: “الشيعة في الإقتصاد: كيانٌ موازٍ يجذب العقوبات”، منتقدًا مساهمات المؤسسات الحزبية التابعة لحزب الله لأنها بمثابة حلقة تبادلية مقفلة غير منخرطة في الاقتصاد الوطني وخارجة عن النشاطات الاقتصادية في نطاق شرعية الدولة.

ولاحظ د. خليفة أن النشاط الاقتصادي للشيعة، خاصة في الجنوب، كان ليزدهر أكثر في ظل خيارات سياسية مختلفة، مستعيدًا حقبات كانت فيها بنت جبيل حاضرة التبادلات الاقتصادية ومساهمة بشكل دال في الناتج المحلّي. وقدّم العضو المؤسس في تحرُّر الأستاذ علي الزين محاضرة حول الأزمة الاقتصادية الراهنة في ظلّ الانسداد السياسي وتمدد الاقتصاد الموازي عبر التهريب وتبييض الأموال وجذب العقوبات، معتبرًا أن خيارات التنمية تتطابق حكمًا مع استعادة أدوار الدولة كاملة دون تجزئة.

وبعد اغداء، انتهت أعمال الورشة بجلسة ثالثة أدارها د. علي خليفة تحت عنوان “التعليم الحر في لبنان: في نشوء الأنظمة الموازية ومآلاتها”، تحدث فيها كل من الرئيس الأسبق للمركز التربوي للبحوث والإنماء د. نمر فريحة والناشطة النقابية والباحثة التربوية د. نسرين شاهين. اعتبر د. نمر فريحة أن التعليم في لبنان فشل في التربية على المواطنية، وأن التربية هي من ضمن الأدوار الإجتماعية للدولة وأن المادة العاشرة من الدستور تمّ استغلالها من الطوائف الدينية، لافتًا إلى عدم الحاجة إلى الإبقاء على هذه المادة بعد قراءة تاريخية لأسباب وجودها.

وكان بحث د. علي خليفة عن الشيعة والتعليم في لبنان، أظهر خروجًا عمّا يمكن اعتباره ضمن حدود حرية التعليم في مدارس الجمعيات التي أنشأها حزب الله تحديدًا، حيث يتمّ إدراج إعداد أساسي للمعلمين الملتحقين للعمل في هذه المؤسسات بما يخالف القيم المتضمنة في برامج الإعداد والمناهج الرسمية اللبنانية فضلاً عن ضعف الإنتماء للهوية الوطنية اللبنانية ومكونات الثقافة المواطنية بما يعزز نشوء نظام رديف في التربية والتعليم تمهيدًا لمجتمع شيعي منعزل عن المجتمع اللبناني المتعدد. ولفتت د. نسرين شاهين إلى أن حرية التعليم في مكان وعمل المدارس الخاصة اليوم أصبح في مكان آخر. وفي حين أن التعليم هو الركيزة الأساسية للإندماج الاجتماعي، إلا أن الطوائف قدّمت مصالحها على إلزامات الإندماج الإجتماعي مستغلّة غياب الفلسفة التربوية وسياسة الدولة في هذا المجال وانقضاض المكاتب الحزبية على الروابط التي اغتالت العمل النقابي والتربوي.

في ختام الجلسة، كان لا بد من التنويه إلى ضرورة استكمال النقاش لبلورة آليات للعمل وصولاً إلى التغيير المنشود ورفع التحديات التي تواجه المجتمع اللبناني وتعزيز التنوع كمصدر للغنى في إطار الوحدة والعيش معًا.

اخترنا لك