أهداف تصنيف الكنيست “الإسرائيلي” الاونروا منظمة إرهابية أبعد من حرب الإبادة… قفزة نحو إنهاء حق عودة اللاجئين

الجزء الأول : علاقة الاونروا بالإرهاب ؟

بقلم زهير هواري

بينما تتلاحق الدعوات الدولية إلى عقد اتفاق هدنة تسمح بوقف اطلاق النار في قطاع غزة وتطلق سراح الأسرى والسجناء الإسرائيليين والفلسطينيين، وتفتح المعابر على المساعدات الانسانية الغذائية والطبية والوقود للمواطنين الفلسطينيين المحاصرين منذ أكثر من ثمانية أشهر، عمدت إسرائيل إلى تنفيذ قفزة نوعية ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الاونروا- واستطراداً الشعب الفلسطيني- عندما وافق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية الأولى على مشروع قانون يصنف وكالة ألاونروا منظمة إرهابية، وهي خطوة لا سابقة لها في العالم منذ تأسيس منظمة الأمم المتحدة أو المنظمات التابعة لها، ما أثار عاصفة من التنديد الدولي حول العالم. والمشروع هذا قدمته يوليا ميلينوفسكي، عضوة الكنيست عن حزب “يسرائيل بيتنا” بقيادة أفيغدور ليبرمان، وقد أيده في القراءة التمهيدية 42 عضوا وعارضه 6 فقط. ومن المقرر أن يعود المشروع مجددا إلى اللجنة المختصة، لقراءة ثانية وثالثة تنتهي بتمريره في نهاية المطاف.

والمشروع الجديد هو نقلة نوعية في مساعي العمل على التخلص من الوكالة الأممية التي تبذلها إسرائيل منذ عقود متلاحقة، التي طالما اتهمتها بأنها “مرتبطة” بحركة حماس، ووصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، هذا العام، بأنها “مخترقة بالكامل من حماس”. ووزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في 14 أيار / مايو الماضي، بأنها “ذراع لمنظمة حماس”.

والمؤكد أن سيل الإتهامات الإسرائيلية تهدف إلى التخلص من مؤسسة أممية لعبت، ولا تزال تلعب دورها في صيانة حق اللاجئين في العودة إلى أراضيهم التي رُحلوا قسراً منها في أعقاب قيام إسرائيل عام 1948. وتدعم صمود اللاجئين الفلسطينيين وتؤمن الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية لما لا يقل عن 5.9 لاجئ في مناطق عملياتها الخمسة: الضفة الغربية بما فيها القدس، قطاع غزة، الأردن، لبنان وسوريا. ومنذ أن فتحت القوات الإسرائيلية نيرانها على القطاع، تضاعفت الاتهامات للوكالة، حتى وصل الامر بنتنياهو في أحد بنود خطته لليوم التالي لقطاع غزة بعد انتهاء الحرب أن ألح على ضرورة اغلاق الوكالة. لكن سبق ذلك اتهام 13 موظفاً من أصل 31 ألف موظف يعملون في مرافق الوكالة بالمشاركة في الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر / تشرين الأول 2023. ما قاد إلى تشكيل لجنة تحقيق أممية ودولية. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، بعد إنجاز اللجنة عملها إن محققي المنظمة الدولية الذين ينظرون في اتهامات إسرائيلية لموظفين في وكالة الأونروا أغلقوا ملف القضية بسبب عدم تقديم إسرائيل لأي أدلة. وتسبب الاتهام في تعليق عدد من الدول مساهمتها في تمويل الوكالة بشكل مفاجئ، بينها الولايات المتحدة، الجهة المانحة الرئيسية، مما هدد عمل الوكالة في غزة، قبل أن تستأنف بعد ذلك عدة دول التمويل في وقت لاحق.

وخلصت مراجعة مستقلة لأداء “الأونروا” إلى أنه “لا بديل” عن الوكالة على صعيد التنمية الإنسانية والاقتصادية للفلسطينيين، مشددة على أن إسرائيل لم تقدم أدلة على مزاعم ارتباط موظفين في الوكالة بحركة “حماس” أو انتمائهم إلى فصائل المقاومة في قطاع غزة. وعلقت وزارة الخارجية الإسرائيلية على التقرير بالادعاء أنه يفتقر إلى “فحص حقيقي وشامل”.

وأكدت المراجعة التي ترأست لجنتها وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة، كاترين كولونا، بتكليف من الأمم المتحدة وبمشاركة ثلاثة معاهد أبحاث سويدية ونرويجية، أن “الأونروا كانت تزود إسرائيل بشكل منتظم بقوائم أسماء موظفيها للتدقيق، وبالمقابل لم تبلغ الحكومة الإسرائيلية الأونروا بأي مخاوف تتعلق بأي من موظفيها”.

علاقة الاونروا بالإرهاب ؟

ويقضي المقترح الذي يدرسه الكنيست كمشروع أن يسري قانون محاربة الإرهاب الإسرائيلي على الأونروا، وينص على “وقف كافة الاتصالات والعلاقات بين إسرائيل ومواطنيها وبين الأونروا، وإغلاق مكاتب الوكالة في إسرائيل”، إلى جانب تطبيق بنود قانون العقوبات التي تسري على “المنظمات الإرهابية”. ما يعني تدمير مؤسسة أممية، الفلسطينيون اليوم هم بأمس الحاجة إلى تقديماتها في قطاع غزة خصوصاً ومناطق عملياتها عموماً، حتى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وصفها بأنها “العمود الفقري لجميع الجهود الإنسانية في غزة”.بينما كان المفوض العام للوكالة، فيليب لازاريني، يكتب مقالا في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية بعنوان “على إسرائيل وقف حملتها ضد الأونروا”، قائلا “إن المسؤولين الإسرائيليين يعملون على نزع الشرعية عن الأونروا، من خلال تصويرها كمنظمة إرهابية تروج للتطرف، ووصف قادة الأمم المتحدة بأنهم إرهابيون متواطئون مع حماس”. إن “الأونروا هي الجهة الدولية الوحيدة الشاهدة على مأساة اللجوء الفلسطيني”. أن إسرائيل “تعتقد أنه بمنع عمل الأونروا، ستحقق أهدافا سياسية أهم، هي إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين”.

وفي نهاية العام الماضي، كشف تقرير إسرائيلي أن هناك “محاولات من الحكومة في إسرائيل، لإخراج الأونروا من قطاع غزة والقدس”. ونقلت القناة 12 الإسرائيلية أن تقريرا شاملاً لوزارة الخارجية “بالغ السرية”، ينص على توصيات تطبق على 3 مراحل هي:

– المرحلة الاول تكمن في الكشف عن تعاون مزعوم بين الاونروا وحركة “حماس” المدرجة على قوائم الارهاب الاميركية.

– المرحلة الثانية ” تشمل تقليص عمليات الأونروا في القطاع الفلسطيني، والبحث عن منظمات مختلفة لتقديم خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية للفلسطينيين في غزة”.

– المرحلة الثالثة عبارة عن “عملية نقل كل مهام وكالة الأونروا إلى الهيئة التي ستحكم غزة بعد انتهاء الحرب”..

الضغوط من غزة إلى القدس

وضمن سياق الضغوط أعلن المفوّض العام للوكالة فيليب لازاريني ، أن السلطات الإسرائيلية منعته من الدخول إلى قطاع غزة، للمرة الثانية منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر.

وتابع: “لقد قامت إسرائيل بخطوات عديدة لإغلاق ملف اللاجئين، مثل إصدار قانون يسمح بمصادرة كافة أملاك اللاجئين وخصخصتها، بجانب محاولات استهداف الأونروا وإغلاق مكاتبها إبان حكم (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترامب”. ولم تقتصر الضغوط على القطاع، بل إن المراكز الصحية والإدارية ومدارس الوكالة في القدس تعرضت بدورها لتقييد في دورها ما يشرع الباب على إقفالها.

وقد اتهمت إسرائيل الأونروا بـ”إدامة الصراع” الإسرائيلي الفلسطيني، عبر توسيع وضع اللاجئين ليشمل الملايين من أحفاد الفلسطينيين الذين هربوا أو أُجبروا على الفرار من منازلهم إبان تأسيس إسرائيل عام 1948، وترى أن وصف اللاجئ “يقتصر على اللاجئين الأصليين” كما يحدث مع مجموعات اللجوء حول العالم، حسب تقرير سابق لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.

وتعتبر مواد التعليم في مدارس الأونروا أنها “تمجد الإرهاب والتحريض ضد إسرائيل”، وقد كرر نتنياهو انتقاداته للوكالة الأممية، وحملها مسؤولة “إدامة محنة الفلسطينيين بدلا من تخفيفها”، و دعا الأمم المتحدة إلى حلها.

واعتبار الاونروا منظمة إرهابية قاد إلى سلسلة إدانات عربية ودولية وأوروبية قوية من عدة دول حول العالم، لمشروع القانون الإسرائيلي المزمع تمريره. محذرين من “كارثة وشيكة” تهدد مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين ترتبط حياتهم بتقديمات الوكالة.

اخترنا لك