مأساة الجراح في زمن الحروب

بقلم الطبيب إبراهيم فرج

لن يخرج الجراح سالمًا أو معافى من مهنته. كيف يمكنه، وهو يبحث عن المجد الدامي ويلهث وراءه، أن يكون بمنأى أو محايدًا، وهو يتعامل مع الأشلاء المقطوعة والمبتورة، واقفًا وسط برك الدم ليضبط أحاسيسه ومشاعره؟

ثمة مخاطرة كبيرة في أن تكون جراحًا أثناء الحروب. أنت تبحث عن دمارك… حتى فرحتك أثناء تعافي مصابيك لن تخفف من خرابك.

كيف لا تكون مولعًا بالضحايا ومتورطًا وجزءًا من صورة عالم نهم للجثث من جهة، وكيف تحافظ على توازنك من جهة أخرى، أثناء ممارستك ديكتاتورية الفرجة والاختيار بين المصابين وكأنك الآمر الناهي للحياة (Triage)، التي تتطلب كي تكتمل، هذه المشهدية، مزيدًا من الجثث والأشلاء المشوهة؟

مأساة الجراح أنه خزّان الصور. يستعيدها كلها في ذهنه، دوماً ودائماً وعلى غير إرادته، لذلك تراه يراكم الحزن مرات ومرات بعدد إعادة صور المفجوعين والقتلى في وجدانه.

يحاول الجراح أن يرد عنه شبهة السعادة أمام مريض أو جريح أو متأوه، كونها تبدو كاعتداء على حزنهم وآلامهم. لذا هو يمضي العيش على حافتها كي لا يستفز أحدًا، إلى أن يطوي الحياة.

اخترنا لك