ايها اللبناني في ذكرى #٤_آب : لن يعيد لحياتك الرخيصة قيمتها الا حياتك

بقلم غسان صليبي

يمكنك ايها اللبناني

أن تتوقف عند الأبعاد التي تريدها

لتفجير ٤ آب،

في السياسة

في الاقتصاد

في القضاء

في الامن الاقليمي،

وغير ذلك من الأبعاد.

لا انصحك

بأن تستغرق كثيرا في التحليل،

فالبعد الاهم

هو الاقل بعدا منك،

انها حياتك.

سجّل ايها اللبناني

في ذاكرتك،

ولا تنسى ما سجلتُه

وانت تتكلم او تتصرف او تخطط

في السياسة اللبنانية.

سجّل ايها اللبناني

في ذاكرتك

أن حياتك رخيصة،

فأنت تُقتل بخفة مطلقة،

وإذا قُتلت

لن يسأل عنك احد،

لا في الداخل ولا في الخارج.

هذا هو البعد الاول

والاهم

لتفجير ٤ آب،

وللمسار القضائي

الذي تبعه.

السلطات جميعها،

التنفيذية والتشريعية والقضائية والعسكرية

الرسمية وغير الرسمية،

لا تبالي بحياتك،

فجميعها متورطة بتفجير المرفأ

وبقتل المواطنين اللبنانيين

وتدمير عاصمتهم.

نادرا ما اجتمعت

“المنظومة”،

كما اجتمعت

في لحظة الانفجار.

حياتك

ليست أكثر أهمية

بالنسبة للقوى الخارجية

التي يسمّونها عُظمى،

فهي لم توفر للقضاء

ما يحتاجه من الأقمار الصناعية

او من غير وسائل رصد او رقابة تمتلكها،

على الارجح لأن هناك قوى اقليمية متورطة بالتفجير،

وعلى رأسها اسرائيل،

والمصالح معها

اهم بكثير من المصالح مع بلادك.

نادرا ما اجتمعت

منظومة الدول الاقليمية والدولية،

كما اجتمعت

في لحظة التفجير.

ها هما المنظومتان

المحلية والاقليمية-الدولية

يتعانقان

في لحظة التفجير،

فيما انت وشعبك غارقان

في البكاء والعويل

بين الدمار والخراب.

للأسف

هذا هو واقعك

المحلي

وموقعك

الدولي

ايها اللبناني.

يمكنك كما تفعل كل سنة

أن تبكي

على الاطلال

في الذكرى السنوية للانفجار،

ولو اتخذ بكاؤك

شكل الغضب،

ورفعتَ شعار العدالة.

كما يمكنك

وانت تبكي وتغضب

في اللحظة نفسها،

وهي لحظة التحوّل الفضلى

في حياة الانسان،

أن تبدأ

بالنظر إلى حياتك

وإلى حياة ضحايا المرفأ،

من منظار محدد ووحيد

وهي انها رخيصة،

وان تبني جميع مواقفك

على هذا الأساس.

اذا بقيت مستوهما

أن حياتك مهمة

عند السلطات او عند القوى العظمى

لسبب او لآخر

تخترعه للاطمئنان الى مصيرك،

فانت ذاهب حتما الى حتفك.

لن يحمي

حياتك

ويعطيها قيمة

الا حياتك،

ولن يجعل حياتك ذات قيمة

للسلطات المحلية والخارجية،

الا حياتك،

التي عليك أن تقتنع بداية،

مهما كان هذا الاقتناع مؤلما

ومدمرا لنظرتك الحالية لنفسك،

انها رخيصة ورخيصة جدا،

لدرجة انك لن تتمكن

من اقناع احد بشرائها،

كما كان يفعل زعماؤك

منذ الاستقلال،

فيقبضون من الخارج

ويدفعون لك.

حياتك رخيصة

على صورة مواطنيتك الرخيصة

وحقوقك المنتهكة كمواطن،

هذه الحقوق التي مسختها الطوائف

وقضى عليها السلاح نهائيا.

حياتك رخيصة

مثل ليرتك تماما،

التي دمرتها

السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية

وارتهان البلاد

للصراعات الاقليمية والحروب.

كما ان حياتك وليرتك

رخيصتان،

كذلك هي رخيصة

بلادك

المرتهنة للخارج

والتي اصبحت تُسمّى بال”ساحة”،

اي مجرد أرض

يستخدمها الآخرون،

ولا يهم من يعيش عليها،

ماذا يشعرون

او كيف يفكرون

او ماذا يفعلون

او يرغبون أن يفعلوا

في المستقبل.

فليكن انفجار ٤ آب

انفجارا لوعيك

ايها اللبناني،

وفيما انت تبكي وتغضب اليوم

تذكّر أن حياتك رخيصة

ولن يعيد لها قيمتها

الا حياتك،

وهي في طريقها

الى بناء الوطن

والاقتصاد

والاستقلال.

اخترنا لك