عامر حلاوي يدفع ثمن خطاب محمد رعد التحريضي

بقلم بلال مهدي

بدأت حديثي معها بتحية بسيطة، “صباح الخير”. لكن صوتها الغاضب قاطعني قبل أن أتمكن من الاستمرار: “فلتان أمني، مخدرات، خطف، وشريعة غاب بالبلد. اللي عم بصير بخوف. لا قضاء، ولا قانون، ولا شيء. بلد كل مين إيدو إلو. ضيعان لبنان. يا خيي، بدكن تحكموا؟ كتير منيح. اعملوا لبنان أحسن من ما كان، وأنا أول وحدة بكون مقاومة وبهنيكن. ما في دولة، ولا دستور، ولا قانون، ولا حق، ولا حضارة، ولا أمن وأمان.”

لم أكن مستعداً لهذا الكم الهائل من الانتقادات، فسألتها بلطف: “كيف حالك؟” فجاءت الإجابة بشكل مفصل وشامل: “شريعة غاب. عصابات في الشوارع. لا قانون ولا شيء. مخالفات، مخدرات، خطف، تسلط، همجية، سلاح متفلت، هيمنة وخوات. تدمير ممنهج لكل ما يمت للحضارة والرقي والانفتاح والمدنية. تعصب وتخلف وتدمير لكل تاريخ وحضارة هذا البلد. تهجير وقتل وكم للأصوات المعارضة والرأي الآخر. قتل وتخويف. زبالة وتلوث وصفقات وسرقات. شو في شي إيجابي؟ شي واحد نعمل؟”

كلماتها حملت وجعًا عميقًا واستياءً شديدًا، فسألتها بفضول أكبر: “لماذا كل هذا الغيظ؟” ردت بمرارة: “متاجرة بالقضية الفلسطينية. مش محتاجين العدو يرجعنا للعصر الحجري. نحنا وصلنا وعايشين فيه. صرنا بآخر درك من الانحطاط والتخلف. شوهوا كل شيء حلو وفرضوا ثقافة الموت واللون الواحد والتخلف. ما تزعل من حكياتي، هيدي الحقيقة اللي بتوجع. صار هالبلد ما بيشبهنا بشي. مسرحية كبيرة هزلية ونحنا شهود عليها.”

وأنهت كلامها بتحدٍ صريح : “وينك؟ ما في تعليق؟”

شعور هذه السيدة القوي يأتي نتيجة خطاب النائب عن حزب الله، محمد رعد، الذي تجاوز فيه كل حدود الاحترام والأدب، محملاً اللبنانيين، وغير الجنوبيين خصوصًا، مسؤولية تدمير البلد بسبب مشاركتهم في أنشطة بسيطة مثل السباحة في البحر والمشاركة في حفلات السهر، كما لو كانت لا توجد حرب على الأبواب.

وبالمناسبة، فإن محمد رعد وجماعة محور الممانعة التي يمثلونها هم من يديرون الاحتقان في المنطقة، ويثيرون المشكلات، ويتخذون القرارات دون مراعاة أو مساءلة.

هذه ليست المرة الأولى التي يصدر فيها عن أحد نواب الحزب هذا النوع من الخطابات المحرضة، التي تستهدف اللبنانيين الذين لا يتفقون مع الحزب وأذنابه، وحلفائه الذين يتبنون سياسة الصراع المستمر والمتحرك بين دول المحور، والتي جلبت لهم الكثير من الخسائر دون أي إنجازات حقيقية.

هذا الخطاب خرّب مستقبل اللبنانيين وأضاع فرصة تحقيق التغيير منذ ثورة 17 تشرين. لم يساعد هذا الخطاب يومًا واحدًا في استعادة الأموال المنهوبة والمهرّبة، ولم ينصف القضاء الذي يسعى لتحقيق العدالة في تفجير مرفأ بيروت، ولم يساهم في محاسبة اللصوص الذين نهبوا أموال الشعب في المصارف. ولا حتى أعاد متراً واحداً من المشاعات المسروقة في جنوب لبنان ولا سهمًا واحد من تعويضات مجلس الجنوب المتبخرة في جيوب المسؤولين الحزبيين.

هذا الخطاب التحريضي نشر الشائعات واتهم خصومه بالخيانة، وشجع على إشعال الفتنة، مما أدى إلى حرق خيام ساحة العلم في مدينة صور خلال ثورة ١٧ تشرين، التي كانت مليئة بالنساء والأطفال والشباب الرافضين للهيمنة. ولن ننسى الاعتداء الأخير على المواطن عامر حلاوي في أحد مقاهي صور، بعد اتهامه بالاساءة للسيد نصر الله، نتيجة انفعاله خوفًا على ابنته التي كانت في أحد المباني بالقرب من السيارة التي استهدفتها المسيرات الصهيونية في صور منذ أيام.

هذا الخطاب الترهيبي يستهدف كل من يفكر في التعبير أو الاعتراض أو حتى الترشح للانتخابات النيابية أو البلدية، حيث كان عامر أحد المرشحين لعضوية مجلس بلدية صور يومًا.

الخطاب التخويني لمحمد رعد ورفاقه يهدد حياة كل المواطنين، ويصف كل مرشح محتمل بالعميل، إلى أبد الآبدين، آمين.

اخترنا لك