سيناريوهات وتداعيات خروج “اليونيفيل” من لبنان ستكون صعبة للغاية

أكدت الكاتبة والباحثة السياسية اللبنانية، سوسن مهنا، أن الاحتلال “الإسرائيلي” يسعى بشكل واضح للتأثير على قوات الأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل”، بهدف تمهيد الطريق لتوسيع سيطرته على المناطق الحدودية، والتي تعتبر حساسة جدًا في سياق الصراع المستمر مع حزب الله.

وكان رئيس وزراء الاحتلال “الإسرائيلي”، بنيامين نتنياهو، قد دعا، أمس، الأمم المتحدة، قوات “اليونيفيل”، إلى الانسحاب من جنوب لبنان ضمن خطة الاحتلال لاجتياح الجنوبي اللبناني.

وأشارت “مهنا”، في تصريحات خاصة لـ”الدستور”، إلى أن قوات يونيفيل تأسست منذ عام 1978 لمراقبة الحدود اللبنانية الإسرائيلية ومنع التصعيد، إلا أنها تواجه محاولات مستمرة من قبل “إسرائيل” لإخراجها. ويأتي هذا الضغط في إطار سعي الاحتلال لخلق مبررات قانونية في حال استهداف هذه القوات، ما يتيح له التوسع في تلك المناطق.

واعتبرت الباحثة اللبنانية أن وجود هذه القوات ليس مجرد قضية محلية، بل هو نتاج جهود دولية تضم حوالي أربعين دولة تدعم استمرار وجودها في المنطقة. ويعتبر هذا الدعم الدولي عنصرًا مهمًا في الحفاظ على الاستقرار النسبي في الحدود اللبنانية “الإسرائيلية”.

وأكدت “مهنا” أن هناك محاولات من قبل رئيس وزراء الاحتلال “الإسرائيلي”، بنيامين نتنياهو، لإلغاء القرار 1701، الذي ينص على الحفاظ على منطقة عازلة وعدم وجود أي فصائل مسلحة في جنوب لبنان.

وأوضحت أن نتنياهو يسعى للضغط نحو تطبيق القرار1559، الذي يهدف إلى نزع سلاح الفصائل المسلحة، لكن هذا القرار يواجه عقبات سياسية كبيرة، خاصة أن الحكومات اللبنانية المتعاقبة لم تتمكن من تطبيقه.

وأكدت أن أي حديث عن نزع سلاح “حزب الله” في الوقت الحالي يعدّ أمرًا غير ممكن، لأن الحزب يعتبر ذلك بمثابة استسلام في خضم الصراع المستمر، حيث لا يمكن له أن يقبل بمثل هذه الخطوات في ظل الهزائم التي تعرض لها.

ودعت “سوسن مهنا” إلى ضرورة البحث عن حلول شاملة تأخذ في الاعتبار التعقيدات السياسية والأمنية، مشيرة إلى أن الوضع في لبنان يتطلب تفكيرًا استراتيجيًا يراعي جميع الأطراف المعنية، لضمان الاستقرار والأمن في المنطقة.

واعتبرت الباحثة اللبنانية أن الأمم المتحدة رغم كونها منظمة دولية فإنها تعاني من ضعف كبير في تنفيذ قراراتها، ما يسمح لإسرائيل بالتفلت من كل القيود القانونية. وأشارت إلى أن “إسرائيل” تمارس عمليات القتل والتدمير في غزة، وتستهدف اليوم المدنيين في لبنان، ما ينذر بإمكانية تكرار السيناريو الغزي بشكل أكثر خطورة.

وأضافت أن الخروج المحتمل لقوات “اليونيفيل” من لبنان يبدو صعبًا للغاية، مذكّرة بمجزرة قانا التي وقعت عام 1996، عندما قصفت القوات “الإسرائيلية” موقع الأمم المتحدة. وأكدت أن “إسرائيل” تتذرع بوجود عناصر مسلحة لتبرير استهدافها، وهو ما يعتبر تجسيدًا لعقلية احتلالية قديمة.

واعتبرت “مهنا” أن حزب الله قد يحقق نجاحات عسكرية على الأرض، لكن الرد “الإسرائيلي” سيكون حاسمًا، مع تصاريح من القيادات الإسرائيلية تفيد بأن لبنان بأكمله أصبح هدفًا مشروعًا. ولفتت إلى أن هذه الاستراتيجية تعني إمكانية اجتياح واسع للبنان، حيث يسعى نتنياهو إلى تأمين الحدود عبر استخدام القوة المفرطة.

وحذرت من أن التصعيد الحالي قد يؤدي إلى حرب شاملة تشمل المنطقة بأكملها، مشيرة إلى توغلات “إسرائيلية” في الجولان السورية المحتلة. واعتبرت أن الانتصارات التي يحققها “حزب الله” قد ترفع من معنويات أنصاره، لكنها تحمل في طياتها مخاطر أكبر قد تؤدي إلى تصعيد أوسع.

وأكدت “سوسن مهنا” أن المجتمع الدولي لم يتخذ خطوات فعالة حتى الآن لوقف الهجمات “الإسرائيلية”، ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في لبنان ويضع المدنيين في خطر دائم.

اخترنا لك