‏تحديات المواطنة وانجازات ثورة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩

مشروع ذاكرة بقلم ياسين ياسين

نائب في البرلمان اللبناني

‏يواجه لبنان حاله حال اغلب الدول العربية تحديات متشابهة بما يخص مفهوم المواطنة، حيث أظهرت مؤخراً نتائج دراسة لموقع “ميدان” التابع للجزيرة نت بعنوان ” كيف يحدد الشباب العربي هويته” والتي جاءت استجابات العينة المؤلفة من ٣٦٠٠ شخصية بين ١٨-٢٤ سنة لتعبر ان الانتماء للدين والعائلة (القبيلة، الطائفة) أولاً، والوطن ثانياً.

‏٣٠٪ من العينة اللبنانية صوتت للدين، ٢١٪ للطائفة، ١٥٪ للانتماء الوطني، في حين كانت النسبة المتبقية موزعة على (اللغة، النوع الاجتماعي، والآراء السياسية).

‏تدل النتائج أعلاه على ان مسيرة التغيير مازالت طويلة جداً وتتطلب العمل على تراكم الإنجازات وفضح المنظومة الحاكمة وتعريتها امام بيئاتها.

‏تعتبر منجزات ثورة ١٧ تشرين من أفضل المرتكزات التراكمية التي يجب البناء عليها لأحداث التغيير المؤثر باتجاه المواطنة الحقيقية.
‏ان مشاركة الملايين من أبناء الشعب اللبناني في اول أيام الثورة من جميع المكونات السياسية والطائفية خير دليل على ان الكثير من اللبنانيين مدركين لحقيقة الطبقة السياسية الحاكمة وان الانتماء للوطن فقط هو الخلاص الوحيد للبنان.

‏ولقد حققت ثورة ١٧ تشرين عدد مهم من الإنجازات على طريق المواطنة الحقيقية واهمها :

‏ – الرغبة بالتغيير : فالرغبة محرّكٌ أساس في مسار التاريخ، حتّى وإن لم يكن البديل واضحًا أو الاستراتيجية منظمة في المرحلة الأولى. والأمر لم يحصل فقط لدى الذين افترشوا الساحات، بل وأينما ذهبنا نسمع اللبنانيين يريدون غير هذا اللبنان الطائفي، وانما دولة مواطنة مبنية على احترام الحقوق والواجبات.

‏- تحطيم حاجز الانقسامات المجتمعية: وحّدت ثورة 17 تشرين الأول المواطنين اللبنانيين متجاوزةً جميع الانقسامات التي اعتدنا على الاعتقاد بها. ولأول مرة، استعاد المواطنون من جميع الطوائف والأجيال والخلفيات الاجتماعية والاقتصادية والانتماءات المهنية المساحات العامة والاهم بها ما جرى خارج العاصمة وفي جميع المناطق اللبنانية دون استثناء.

‏- تبديد حاله الخوف لدى الكثير من اللبنانيين بعد كشف الكم الهائل لفساد الزعيم، فارتفعت الأصوات وتمزقت صور الزعيم، وبذلك انتقل الخوف من المواطن الى الزعيم الذي أصبح مطارداً بالأماكن العامة، ويصعب عليه التنقل وحتى الوصول للمجلس النيابي.

‏- الدور المطلوب من الجيل الجديد: تأكد أن فئات متنوعة من الجيل الجديد، ( داخل لبنان ومن خارجه )، أظهرت رغبة صريحة بالنشاط السياسي وبالنقاشات للتغيير الجذري. وان الحركات الطلابية الجديدة ونتائج الانتخابات الطلابية في ٢٠٢١ خير دليل على ذلك. إن الأمل معلَّق على الأجيال الصاعدة. فهي مستقبل الوطن، ويجب أن تتعلم أن لبنان، ثم لبنان، ثم لبنان، أولًا وقبل كل شيء.

‏- الدور الريادي للمغترب اللبناني في عملية التغيير، والذي عبّر عن مفهوم المواطنة بأبهى صورها ان كان من خلال تحركاته في دول الانتشار الى المشاركة الجدية في الانتخابات النيابية الماضية.

‏- اخيراً، وليس آخرا دلت نتائج الانتخابات النيابية على رغبة حقيقية بالتغيير والاتجاه نحو المواطنة الحقيقية، حيث حصلت لوائح التغيير على ٤٧٢٠٠٠ صوت تفضيلي، متفوقة على جميع اللوائح الأخرى، وهذا يدفعنا للنضال أكثر نحو قانون انتخابي يعبر عن التمثيل الحقيقي للمجتمع اللبناني داخل المجلس النيابي.

‏امام ما تقدم تبرز مجموعة مسؤوليات امام نواب التغيير والناشطين في ثورة تشرين إضافة الى مجموعات من الشخصيات الوطنية المستقلة في انتاج حالة سياسية اجتماعية تضمن الوصول الى التغيير من خلال العمل على عدة استراتيجيات تضمن الوصول للنتائج المرجوة من خلال العمل على إعادة بناء هياكل الدولة وبناء العلاقة بين أهل الوطن الواحد، ومنظومة الحقوق والواجبات على قاعدة المواطنة الجامعة والانتماء للبنان أولاً وآخراً. وذلك من خلال :

‏- المطالبة الجادة بإلغاء الطائفية السياسية،
‏- تشريع قانون انتخابي عادل يكون محل اطمئنان لدى كل اللبنانيين/ات،
‏- تأسيس نظام دولة مدنية تحترم الحريات الدينية. وأهم نقاط البداية هي إعداد المناهج التربوية والتعليمية، وتطويرها بما يعزز الانتماء الوطني،
‏- الانفتاح الروحي والثقافي، وأن قبول الآخر والتنوع هو واجب إنساني لزرع ثقافة المواطنية وحب الوطن،
‏- عدم التعلق بالمشاريع الداخلية التي تخدم المنظومة وتساعد على بقائها.
‏- فك الارتباطات الخارجية التي يمكن أن تدمر كيان الوطن.
‏- تجسيد الدور الرقابي لنواب التغيير والذي بدأت نتائجه بالظهور في محاربة فساد الإدارات العامة وكشف عمل الغرف السوداء للمنظومة داخل المؤسسات العامة،
‏- تفعيل عمل الهيئات الرقابية وتأمين مستلزمات عملها بما يضمن استمراريتها وزيادة قدرتها الإنتاجية. وصولاً الى جسم قضائي مستقل بعيد عن الزبائنية.

اخترنا لك