منذ أن أعلن سمير جعجع دعمه لترشيح ميشال عون رئيساً، وإسرائيل تراقب بقلق التطوّرات في لبنان، ليزداد منسوبه مع يوم الانتخاب. تستمدّ الدولة العبريّة قلقها من قناعتها بأنّ خطوة جعجع وسعد الحريري بدعم الترشيح واقتراب اللبنانيين من حل أزمتهم السياسية يشكّلان رافعة للدور الإيراني ومكانة “حزب الله” في لبنان وتراجعاً لدور ما يعرف بـ “محور الاعتدال” العربي.
وفي هذا السياق، وصف معلّقون إسرائيليّون قبول جعجع بترشيح عون نوعاً من “القنبلة الثقيلة” التي سقطت ووصلت شظاياها إلى كل الزوايا. ورأى هؤلاء أنّ “جعجع قلب بذلك طاولة السياسة في لبنان عندما أيّد مرشح المعسكر المعادي بزعامة “حزب الله”، مضيفين: “إن رئيساً لبنانياً، هو حليف لـ “حزب الله”، سيُنتخب وهذا ما يبهج إيران ويشكل هزيمة إضافية للموقف السعودي إقليمياً”.
وبحسب “هآرتس” فإن “حزب الله” شعر بالرضا جراء هذه التطورات، لأنه إذا حدث التوافق داخلياً فإن هذا يضعف دور السعودية. فمعركة الرئاسة اللبنانية في نظر عدد من المعلقين الإسرائيليين “كانت ولا تزال معركة إنزال أياد بين السعودية وإيران”.
وكتب الخبير في الشؤون السورية البروفسور إيال زيسر في “إسرائيل اليوم”، أمس، أنه إذا لم تحدث مفاجأة غير متوقعة فإن عون سيفوز. “وإذا كان عون سيفي بوعوده قبل الانتخابات، فإنه سيُعيّن خصمه اللدود، قائد السنة في لبنان، سعد الحريري، رئيساً للحكومة. وقد قام بمباركة هذه الخطوة، وسمح بها منذ البداية، حليف عون، زعيم “حزب الله حسن نصرالله.
وبحسب زيسر، فإنّ “نصر الله سيكون الرابح الأكبر من الانتخابات الرئاسية، حتى لو اضطر هو وأبناء طائفته الشيعية الى الانتظار بضع سنوات الى أن تُفتح أمامهم مناصب الرئاسة أو رئاسة الحكومة”.
وأشار زيسر إلى أن “الرئاسة ورئاسة الحكومة ليستا بالأمر المهم، حيث إن لبنان عاش في السنوات الأخيرة بشكل معقول من دون رئيس أو برلمان منتخب، ولا أحد شعر بغيابهما. ولكن ما لا يقل أهمية عن ذلك هو واقع أن الحريري، زعيم السنة في لبنان وحليف السعوديين، خضع وقَبِل إملاءات نصرالله”.
بنظر زيسر، فإنّ “نصرالله أصدر الأوامر بقتل والده (سعد الحريري) رئيس الحكومة في لبنان، رفيق الحريري، في شباط 2005. العلم الأبيض الذي رفعه الحريري والسعوديون يسمح لنصرالله وإيران بالتقدم خطوة أخرى في طريق إخضاع لبنان لإملاءاتهما”.
وأضاف: “عون في نهاية المطاف، خادم جميع الأسياد. وكالعادة هو يهتم بمصالحه الشخصية. في السابق تعاون مع إسرائيل، وفي الوقت الذي دخل فيه الجيش الاسرائيلي الى بيروت في صيف 1982 استقبل وزير الدفاع اريئيل شارون في مقر قيادته. وبعد استكمال سوريا سيطرتها على لبنان في نهاية 1990، هرب الى باريس، وهناك قال إنه لا يوجد صديق أفضل منه لاسرائيل وللغرب” وبعد عودته إلى لبنان استغل قوته السياسية من أجل إنشاء تحالف استراتيجي مع نصرالله. ولم يعد المارونيون يعولون على فرنسا أو الولايات المتحدة أو إسرائيل، حيث إنهم ربطوا مصيرهم بمصير نصرالله وإيران”.
وتابع: “مثلما قال عون ذات مرة: إيران والشيعة هما القوة الصاعدة في المنطقة، لذلك من المهم التحالف معهما. وبوساطة نصرالله، تصالح عون مع بشار الأسد”.
ورأى زيسر أنّ “الحريري على مدى العقد الماضي قاد الصراع السني في لبنان ضد محاولات سيطرة إيران و”حزب الله” على الدولة. والآن هو يعتقد أن الوقت حان لطيّ الراية. في العراق وسوريا تميل الكفة من جديد لمصلحة إيران التي تحظى بالمظلة الروسية. ولا يجب ذكر الولايات المتحدة ـ حيث تنازلت بإرادتها عن مكانتها في المنطقة وكفّت عن أداء دور حقيقي فيها.
وتساءل زيسر: “هل يريد الحريري أن يتحول الى ذيل الثعالب الإيرانيين ونصرالله؟ إذا كان الأمر كذلك فسيكتشف أن المنصب في يد عون. ويمكن أن يكون الحريري وجبة أولى في قائمة الطعام في احتفال نصرالله وعون”.