الراعي : سيكون لنا غداً رئيس جديد للجمهورية بعد الفراغ القاتل

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لمناسبة مرور 80 عاما على تأسيس جمعية دليلات لبنان، قداس افتتاح السنة الكشفية على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي “كابيلا القيامة”، عاونه فيه المطارنة بولس الصياح، منير خيرالله، حنا علوان وعاد ابي كرم، أمين سر البطريرك الاب بول مطر ولفيف من الكهنة، في حضور الوزير السابق زياد بارود، رئيس بلدية جبيل زياد الحواط، رئيس بلدية زوق مكايل ايلي بعينو وحشد من الفاعليات، مسؤولين واعضاء جمعية دليلات لبنان.

العظة

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان “كل ما عملتموه لأحد إخوتي هؤلاء الصغار، فلي فعلتموه”(متى25: 40)، قال فيها: “في ختام السنة الطقسية تحتفل الكنيسة في هذا الأحد بعيد المسيح الملك الذي، بعدما افتدى البشر أجمعين، وسلمهم وصيتي المحبة والرحمة، سيدينهم عليهما جميعا.

فالإنسان، كل إنسان، مخلوق على صورة الله الذي هو المحبة والغني بالرحمة (راجع 1 يو 4: 8؛ أفسس 2: 4)، إنما مدعو ليجسد هذه الصورة عندما يطعم الجائع، ويسقي العطشان، ويكسي العريان، ويأوي الغريب، ويزور المريض، ويفتقد السجين (متى 25: 35-36). هؤلاء في حاجاتهم الجسدية والروحية والمعنوية، يتماهى معهم الرب يسوع، ويسميهم إخوته الصغار، مؤكدا: كل ما عملتموه لأحد إخوتي هؤلاء الصغار، فلي فعلتموه” (متى 25: 40).

أضاف: “يسعدنا أن نفتتح، بهذه الليتورجيا الإلهية، سنة يوبيل الثمانين سنة لتأسيس جمعية دليلات لبنان. فنحيي جميع أعضاء هذه الجمعية، ورئيسة هيئتها الإدارية المفوضة الوطنية السيدة مايا البعلبكي الخوري، ومرشدها الروحي العام الخوري شكرالله غزال وسائر مرشدي الأفواج من كهنة ورهبان وراهبات. ونحيي بشكل خاص سيادة أخينا المطران منير خيرالله المشرف على الجمعية من قبل مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، والذي يعطيها دفعا روحيا في ديناميته.

ونحيي بيننا عائلة المرحوم الرئيس القاضي جورج شبلي الملاط الذي ودعناه معها ومع الجسم القضائي منذ اسبوع. وها نحن نصلي لراحة نفسه في ملكوت السماء، ملتمسين العزاء لاسرته”.

وتابع: “جمعية دليلات لبنان، كما تعلمون جمعية كشفية إنسانية تأسست سنة 1937، بهدف مساعدة الفتيات على تنمية كامل قدراتهن كمواطنات مسؤولات في المجتمع، وتنشئتهن على الحياة المسيحية والإيمان الكاثوليكي. وهي موجودة في أكثر من خمسين مدرسة ورعية في لبنان، وتضم حوالي خمسة آلاف صبية وفتاة، يلتزمْن بشعار الجمعية: “دائما مستعدة”.
فيسعدنا في الدوائر البطريركية أن نتعاون مع هذه الجمعية في مكتب كل من راعوية المرأة وراعوية الشبيبة. ونفاخر بها عضوا في الجمعية العالمية للدليلات والمرشدات منذ سنة 1963.

إننا، إذ نهنىء الجمعية بيوبيلها، نرجو أن يكون لها موسم خير وبركة من لدن الله، لكي يستمر مشعلُ إيمانها وانتمائها والتزامها وضاء. ونصلي معها الصلاة الكشفية التي نرجو أن تكون صلاة كل واحد وواحدة منا :

“علمني يا يسوع أن أكون كريما/أن أخدمك كما تستحق/أن أعطي من دون حساب/ أن أجاهد من دون أن تقعدني جراح/ أن أعمل باستمرار/ أن أبذل نفسي من دون مقابل، ساعيا إلى إتماممشيئتك المقدسة. آمين”.

وقال: “إن أفعال المحبة تجاه الجائع والعطشان والعريان والغريب والمريض والسجين، يقول قداسة البابا فرنسيس، هي أفعال صغيرة بحد ذاتها لكنها، فضلا عن كونها علامة إيمان عميق وانتباه مسؤول ومشاعر إنسانية، تكتسب قيمة في نظر الرب، لدرجة أنه سيديننا عليها. والسبب الأساسي هو أن الاعتناء بهؤلاء المحتاجين والفقراء والمعوزين في الحالات الجسدية الستة، إنما يعتبره “مصنوعا له من خلال إخوته الصغار” (متى 25: 40).
يضيف البابا فرنسيس إلى هذه الأفعال الجسدية “أفعال رحمة روحية”، تختص بحاجات مهمة في حياة الناس، وتمسهم في الصميم، وهم يتألمون منها كثيرا. هذه الأفعال هي: المشورة للذين يعيشون في الشك والتردد، تعليم الجهال، تنبيه الخطأ وهداية الضالين، تعزية الحزانى، مغفرة الإساءات، الصلاة من أجل الأحياء والموتى”.

أضاف: “يقول إن أفعال الرحمة الجسدية والروحية تجعل الإيمان حيا وفاعلا في المحبة، واننابها نحقق ثورة ثقافية حقيقية. أجل، إذا أتم كل واحد وواحدة منا مثل هذه الأفعال، نحدث ثورة ثقافية في العالم.

هكذا فعلت القديسة تريزا دي كالكوتا بإنحنائها على كل شخص معوز ومهمل، كانت تجده في الطريق، طفلا كان أم مسنا. وهكذا فعل الطوباوي ابونا يعقوب حداد الكبوشي وقد انحنى، وبواسطة راهباته في جمعية راهبات الصليب، ما زال ينحني على كل متألم ومعوق ومريض، من مختلف الأمراض الجسدية والعقلية والعصبية”.

وتابع: “إن نشاطاتكن، يا دليلات لبنان، تندرج في إطار المحبة والرحمة. فهي، كما نعلم، تتمحور حول خدمات اجتماعية وإنسانية ووطنية، هدفها إسعاد الآخرين وخدمة الوطن، وفقا للوعد الذي تقطعنه امام الله انطلاقا من إيمانكن بحب الله لكل واحدة منكن”.

أضاف: “من تجليات محبة الله ورحمته، أنه سيكون لنا غدا الاثنين، رئيس جديد للجمهورية، بعد الفراغ القاتل في سدة الرئاسة منذ سنتين وستة أشهر.

لقد استجاب الله صلوات شعبنا وآلامهم ودموعهم وفقرهم. وهم يعانون الكثير من نتائج هذا الفراغ وبخاصة على المستوى الاقتصادي والمعيشي، وضآلة فرص العمل، والفوضى والفساد في المؤسسات العامة. فنتطلع معكم إلى الرئيس العتيد والحكومة الجديدة التي نناشد الكتل السياسية الاسراع في تشكيلها وعدم وضع عراقيل امامها. فالتحديات الراهنة كبيرة ومتنوعة، وفي رأسها بناء الوحدة الداخلية، وإجراء المصالحة الوطنية، وتضافر جميع القوى في مواجهة التحديات. نحن من جهتنا ندعمهما في كل ما يؤول إلى خير البلاد والشعب. ونساهم، كل من موقعه، وبروح المسؤولية المشتركة، في ورشة انتشال الوطن من حالة التقهقر التي بلغ إليها.

ونقول للشباب اللبناني ألا يكونوا في حالة الانتظار السلبي، بل أن ينخرطوا في مؤسسات الدولة، ويسعوا جاهدين إلى إيجاد فرص عمل على أرض الوطن، لكي يحققوا عليها طموحاتهم، ويبنوه بعلمهم وقدراتهم وسواعدهم، وبجهودهم وتضحياتهم، أسوة بجميع الاوطان التي أحياها أبناؤها من الركام وبنوها بصبر. هذا كله يقتضي التزاما وطنيا بالعمق، بعيدا عن السطحية والاتكالية وعدم الاكتراث. فلا يحق لنا أن نتنعم من تعب غيرنا، ولا نبذل الجهود والتضحيات في بناء دولتنا ووطننا، أسوة بالبلدان المتقدمة”.

وتابع: “نتطلع إلى رئيس الجمهورية المنتخب ورئيس الحكومة المكلف آملين أن يتعاونا مع أشخاص كفوئين متجردين يوحون الثقة، ويجنبون السلطة الإجرائية الصراعات المعطلة والتجاذبات الحزبية والمذهبية، ويضبطون عمل المؤسسات العامة وهيكلياتها، ويقضون على الفساد المستشري في معضمها، وينهضون بالإنماء الاقتصادي بكل قطاعاته. لعلهم بذلك يعوضون عن الخسارات الجسيمة التي تكبدها لبنان وشعبه طيلة زمن الفراغ غير المسبوق وغير المبرر، كما سبق ورددنا في كل أسبوع وفي كل مناسبة”.

وختم الراعي: “إننا نواصل صلاتنا إلى الله على هذه النية. ونصلي بإلحاح من أجل أن تتجلى رحمة الله في إيقاف الحروب الدائرة في سوريا والعراق واليمن وفلسطين، وفي اي مكان من مشرقنا، وإيجاد الحلول السياسية لها، وتوطيد سلام عادل وشامل ودائم فيها، وعودة جميع المهجرين والنازحين واللاجئين والمخطوفين والمبعدين إلى بيوتهم وممتلكاتهم وأوطانهم. ومعا نرفع نشيد الابتهال والشكر للثالوث المجيد، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

استقبالات

بعد القداس ، استقبل الراعي المؤمنين المشاركين في الذبيحة الالهية.

اتصالات

وتلقى الراعي اتصالا هاتفيا من نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس، تم في خلاله عرض للاوضاع الراهنة عن الاستحقاق الرئاسي وجلسة انتخاب الرئيس يوم غد الاثنين.

 

اخترنا لك