وثائقي “ناشونال بيرد” أو الطائر القومي، الذي سيعرض في الولايات المتحدة، فيلم وثّق وكشف كوارث البرنامج العسكري السّري الذي تقوم به الطائرات الأمريكية دون طيار.
وينطلق الفيلم من مشهد حقيقي حدث في فبراير/شباط 2010، حيث تتوقف قافلة من العربات للصلاة في جنوب أفغانستان، في منطقة تعد معقلا لحركة طالبان، وفجأة تنهمر على الناس من السماء صواريخ “هلفاير” فتحترق عربات ثلاث ويلقى 23 مدنيا مصرعهم.
ووصف تحقيق عسكري، استنادا إلى تحليل صور التقطتها الطائرات الأمريكية، مشغلي “الطائر القومي” بأنهم يفتقرون إلى الدقة والمهنية، كما غذى الحادث الانتقادات المتصاعدة ضد الحرب السرية التي تخوضها الولايات المتحدة باستخدام طائرات دون طيار.
وأفاد التحقيق بأن الأمر اختلط على المشغلين الموجودين في قاعدة عسكرية في نيفادا، ولم يميزوا بين مسافرين عاديين وعناصر طالبان، في أثناء تحليلهم لتسجيلات فيديو غير واضحة التقطتها طائرة “بريديتور” في أفغانستان، مشيرين إلى أن استنتاجاتهم الخاطئة تسببت بمجزرة على بعد آلاف الكيلومترات.
وأكد المشغلون أنهم لم يروا على الصور غير رجال بلباس عسكري في ثلاث عربات، لكن الواقع أن العديد من النساء كن بين الجرحى والقتلى وكن يرتدين ملابس زاهية الألوان.
ويتتبع الوثائقي مسار ثلاثة ممن يقومون “بكشف المستور” والذين قرروا الحديث عن الأمر لشعورهم القاتل بالذنب.
وتقول المحللة العسكرية السابقة للصور الملتقطة بالطائرات، ليزا لنغ: “كان عليّ أن أفعل شيئا لأن ما يجري غير مقبول أخلاقيا وبات خارج السيطرة”.
وفي الوثائقي، كشفت عن رسالة تهنئة تلقتها لأنها ساعدت في التعرف على 121 ألف مقاتل خلال عامين، وتدعو المشاهدين إلى استنتاج أعداد القتلى، منذ ان أعلنت الولايات المتحدة الحرب على طالبان، بعد اعتداءات 11 أيلول 2001.
ومن الصعوبات التي تواجهها حرب الطائرات المسيرة، وفق ليزا لنغ، النقص في مصداقية الصور غير الواضحة التي يتم استنادا إليها اتخاذ قرارات تتعلق بالحياة أو الموت.
وتقول مخرجة “ناشونال بيرد”، صونيا كنيبيك: “في تلك الفترة، لم نكن نعرف الكثير”.
وسبق لكنيبيك أن أخرجت أفلاما وثائقية عن عائلة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وكارثة فوكوشيما النووية والدعارة في ألمانيا.
وبالإضافة إلى رحلة ليزا لنغ، تمكنت المخرجة من تتبع المشغلة السابقة للطائرات دون طيار، هيذر لاينبو، التي تعاني من إجهاد ما بعد الصدمة، إضافة إلى دان، محلل المعلومات الذي خضع للتحقيق في إطار قانون مكافحة التجسس الأمريكي.
وسافرت كينيبيك مع ليزا لنغ إلى أفغانستان للقاء أقارب ضحايا هجوم 2010 و الجرحى المصابين بجروح خطيرة جراء انفجار الصواريخ.
وتقول المخرجة إنها تريد إثارة نقاش وطني وضروري لمعرفة إن كان الأمريكيون يريدون شن حرب الطائرات دون طيار باسمهم وكيف يمكن تنظيمها وضبطها.
وتتساءل صونيا كينيبيك: “ما هو مستوى الدقة المطلوب قبل إلقاء قنبلة على منزل؟ هل نعرف بنسبة مئة بالمئة من يتواجد داخل المنزل ومن نقتل؟”.
وأشارت المخرجة إلى أن الفيلم الوثائقي سيعرض في حين يهم أوباما بمغادرة البيت الأبيض، مبينة أن يكون تولي إدارة جديدة فرصة لإعادة تقييم فعالية هذه البرامج العسكرية التي تفتقد للشفافية بالإضافة إلى كلفتها الإنسانية.
وتقول إدارة الرئيس باراك أوباما إنها قتلت 2500 متطرف بين 2009 ونهاية 2015، معظمهم في غارات نفذتها طائرات دون طيار، وتقر بأن 116 مدنيا قتلوا في غارات لطائرات مسيرة في باكستان واليمن والصومال وليبيا.
لكن مكتب التحقيقات الصحافية الاستقصائية يقول إن العدد أكثر من ذلك بست مرات.
وفي 2013، أكد أوباما الذي ضاعفت حكومته الاعتماد على الطائرات المسيرة، أن هذه الغارات تتم فقط في حال كان هناك “شبه تأكيد” بأنه سيتم ضرب الهدف الملاحق.
من جهته، يقول مركز الأبحاث الأمريكي المستقل “نيو أمريكا” إن بلدانا أخرى في طور الانضمام إلى الولايات المتحدة في حرب الطائرات دون طيار، إذ بات 86 بلدا يمتلك هذه التكنولوجيا ذات الاستخدام التجاري أو العسكري، وهناك 16 بلدا يعتمد على هذه الطائرات في برامج لتنفيذ ضربات عسكرية.
وفي وقت سابق من هذا العام، باتت نيجيريا البلد الثامن الذي استخدم طائرات مسيرة عسكرية، كما يلجأ حزب الله اللبناني كذلك إلى هذه الطائرات، بحسب مركز الأبحاث الأمريكي.