منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، بدأ الحديث عن إمكانية مبادرة الرئيس الجديد الى إصدار قانون عفو يشمل الموقوفين على خلفية الأحداث التي شهدتها مدينة طرابلس بين عامي 2008 و2014، والتي انتهت بخطة أمنية في أول نيسان 2014، أقفلت محاور القتال ووضعت أكثرية المشاركين في جولات العنف العشرين في السجون.
يرى متابعون لملف الموقوفين أن خطوة رئاسية إيجابية تتعلق بالعفو عن أبناء عاصمة الشمال “من شأنها أن تؤدي الى مصالحة تاريخية وتفتح صفحة جديدة بين العاصمة الثانية ورئاسة الجمهورية”.
ويؤكد هؤلاء أن التفاهمات التي شهدها لبنان على أكثر من صعيد، وأدت الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي وإعادة تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة العهد الأولى، من المفترض أن تنسحب على بعض الملفات الأمنية العالقة، وفي مقدمتها ملف الموقوفين على خلفية أحداث طرابلس، لافتين الانتباه الى أن طرابلس يجب أن تكون في أولويات العهد الجديد لا سيما على صعيد إجراء المصالحات بين أبنائها، وأن الخطوة الأولى لتحقيق ذلك تكون بإقفال ملف الموقوفين.
وكان الرئيس نجيب ميقاتي افتتح مكتبا خاصّا في طرابلس من أجل متابعة ملف الموقوفين خصوصا أولئك الذين لم يتورطوا باستهداف الجيش، ولم تثبت إدانتهم، وقد تمكن المكتب من حل العديد من القضايا والمساهمة بالإفراج عن عدد لا يستهان به من الموقوفين، (بحسب مصادر المكتب تم الإفراج حتى الآن عن 67 شخصا).
كما تابع ميقاتي والنائب محمد كبارة هذا الملف مع وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي وتلقيا وعدا قاطعا بتسريع المحاكمات.
ولدى استقباله الرئيس المكلف سعد الحريري في دارته في بيروت، عرض ميقاتي معه هذا الملف، وطلب منه السعي مع رئيس الجمهورية لإصدار عفو خاص عن الموقوفين على خلفية أحداث طرابلس.
ولفت ميقاتي انتباه الحريري الى أن محو هذه المرحلة من الذاكرة الاجتماعية في طرابلس، تمهّد لإجراء المصالحات وفتح صفحة جديدة على أكثر من صعيد.
وتشير مصادر حقوقية إلى أن العفو العام الذي تناولته المادة 150 من قانون العقوبات اللبناني سوف يصطدم لدى تطبيقه ببعض الجرائم والملفات الكبرى وفي مقدمتها ملف ميشال سماحة، أحداث عبرا (الشيخ أحمد الأسير)، المجموعات المسلحة التي قاتلت الى جانب “النصرة” و”داعش”، تفجيرا مسجدي التقوى والسلام، لافتة الانتباه الى أن خصائص العفو العام من شأنها أن تزيل الصفة الجرمية تماما عن الفعل، أو أن تخفض العقوبة لبعض الجرائم، أو أن يشمل جرائم محددة فقط، وإذا استحال حصول العفو العام بسبب الجرائم التي تم ذكرها، فيقضي الأمر بالركون الى العفو الخاص.
وتقول المصادر الحقوقية إن العفو الخاص يصدر عن رئيس الجمهورية، ويستفيد منه من صدر باسمه الشخصي سندا للمادة 152 من قانون العقوبات، لكن مشكلة هذا العفو أنه لا يستفيد منه إلا من صدر بحقه حكما مبرما، ولا يستفيد منه من لا يزال قيد المحاكمة.
غسان ريفي