خصصت غرفة الدرجة الأولى لدى المحكمة الخاصة بلبنان، جلستها أمس للاستماع إلى استراتيجية الفريق المكلّف من قبل مكتب الدفاع لدى المحكمة بحماية مصالح المتّهم أسد صبرا.
وجاء هذا القرار بعد مطالبة فريق الدفاع عن صبرا بحقه بالحصول على وثائق من ملفّات لجنة التحقيق الدولية والقضاء اللبناني، وذلك لاختلافٍ في المسار الذي تبنّاه مكتب المدّعي العام والخلاصات التي انتهى اليها، وإن كان فريق صبرا قد وافق على “الأسباب السياسية للاغتيال”.
ويستند فريق صبرا الى أدلة ظرفيّة، تتشابه في طبيعتها مع الأدلة التي استند اليها الادعاء في اتهامه عناصر مقربين من “حزب الله»”، لكنه يضع فرضية من نوع أن تكون «جمعية المشاريع الخيرية» (الأحباش) وعناصر أمنية رسمية وسياسيون لبنانيون وأركان في النظام السوري “هم وراء الاغتيال لا “حزب الله”.
ويرى فريق صبرا أن مسار التحقيق الأولي الذي بدأته لجنة التحقيق الدولية المستقلة أظهر مؤشرات لتورط سوريا وحلفائها تم تغييره لأسباب غير مفهومة، وجرى لصقه لاحقاً بأصحاب أرقام هاتفية يعتقد أنها لعناصر من “حزب الله”.
ويرى محللون أنه برغم اعتماد فريق صبرا على أدلة ظرفية وأخرى تتصل بالاقتران المكاني، وهي بمجملها أكثر ضعفا من أدلة الادعاء نفسه، تطرح جديا مسألة غياب أو تغييب مسارات أخرى جرى التداول بها. وذلك كالمسار الذي رجّح تورّط إسرائيل بجريمة الاغتيال وقدمت له الأدلة والمعطيات المادية، أو مسار المجموعات الإرهابية التي ناصبت العداء للنظام السعودي، وأرادت أن توجه له رسالة دموية من خارج الحدود السعودية بعد أن كانت وجهتها من داخل الأراضي السعودية.
وإذا كان المحامي غانييل مييترو وفريقه قد رأوا أن اتهام «حزب الله» قد ألحق وأسقط خلافا لما كانت تدل عليه المعلومات الأولية، فالمتابعون لمسارات التحقيق في عام 2005 وما واكبها من توظيفات سياسية خارجية وداخلية، يدركون أن «اتهام «حزب الله» كان حاضرا منذ اللحظة الأولى للجريمة، لكن المعطيات لم تكن كافية لفبركته وإصداره رسميا»، بحسب المحللين أنفسهم.
أمس، بدا المحامي مييترو (من فريق صبرا) وكأنه جزء من فريق الادعاء ويتكامل معه من خلال إقراره بالمقدمات السياسية للاغتيال وربط الجريمة بالأجواء السياسية التي كانت سائدة عشية الاغتيال.
وأضاف المحامي ميترو إن فريقه قد «ربط بين عدة عناصر ومؤشرات قبل أن يصل الى استنتاجاته، خلافا لعمل الادعاء الذي لم يقم بالربط حتى الآن كي يثبت نظريته».
وقال: «إنّ فريقه يعتقد أن رواية الانتحاري أبو عدس ومجموعة الـ13 والشبكة الحمراء الخاصة بمراقبة الرئيس الحريري، هي عناصر جرى فبركتها لتضليل التحقيق من قبل المنفذين الفعليين».
وتساءل كيف أن الجهات المولجة بالتحقيق قد اكتشفت بسرعة هوية الحجّاج الستة، وكيف أن كافة الخطوط الخلوية المستخدمة بالجريمة قد تم شراؤها من منطقة طرابلس، وكيف أن العقيد عمر مكاوي وهو أحد العاملين تحت إمرة اللواء علي الحاج قد أوقف الدوريات الأمنية في المنطقة المستهدفة قبل أيام من الجريمة، وكيف أن عناصر أمنية رسمية قد وصلت الى مكان الانفجار للتأكد من مقتل الحريري؟».
ووعد ميترو أن يقوم باستجواب أحد الشهود في نهاية الشهر الجاري، «وسأقدم خلاله معطيات قد تفيد في معرفة من سجل شريط الفيديو لأبو عدس»، مشيراً إلى أنّ عناصر أمنية رسمية معروفة كانت تتحرك في كافة المناطق التي كانت تجرى فيها الاتصالات المسبقة الدفع والمرتبطة بإيصال الفيديو الى قناة «الجزيرة».
ومن الأدلة التي أوردها مييترو لتأكيد استراتيجيته أن مسؤول الأمن في فندق «فينيسيا» كان أحد أقرباء المسؤول عن وحدة التنصت لدى الجيش اللبناني في تلك الفترة العقيد غسان طفيلي، وهو قريب العميد ماهر طفيلي المسؤول في أمن الدولة، مضيفاً: «أن كاميرات فينيسيا قد اختفت وكذلك الشخص المسؤول».
وختم مييترو: «الأشخاص الذين لهم مصلحة باغتيال الحريري هم على مستويات مختلفة وسنتمكن من الربط بينهم، لكن لا أعرف ما إذا كان ذلك سيتم من دون أدنى شك معقول»، مطالباً الادّعاء بتقديم أدلة غير ناقصة لأنها أدلّة مشكوك بها بحسب القواعد».
بدوره، قال ممثل الادعاء الكسندر ملن إنّ «مكتبه غير معني بتقديم أدلة تعزز نظرية أحد فرق الدفاع، وعلى المتهم أن يثبت عكس ما يقدمونه من رؤية».
ونقض المحامي محمد عويني المكلف من قبل المحكمة حماية مصالح المتهم حسن مرعي كلام ملن وطالب بأن «يقدم الادعاء خريطة واضحة لتسلسل الأحداث ويقدم بعض الأدلة الإضافية للغرفة ويوضح البعض الآخر، بالإضافة إلى الإجابة عن السؤال المرتبط بتبدل وجهة الاتهام».