عادت قضية أموال معمر القذافي وتمويل حملة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إلى الواجهة مجدداً، الخميس، بعد مقابلة “نارية” لرجل الأعمال اللبناني الفرنسي “المثير للجدل”، زياد تقي الدين، أعلن فيها صراحة أنه نقل 5 ملايين يورو في 3 حقائب من العاصمة الليبية طرابلس إلى ساركوزي أواخر العام 2006 وأوائل 2007. وقال إنه أعطى كلود غيون، الأمين العام للإليزيه خلال ولاية نيكولا ساركوزي ووزير الداخلية لاحقاً، ثلاث حقائب من المال الليبي.
وإثر المقابلة التي بثت الثلاثاء عبر الفيديو على موقع “ميديابارت”، استجوب الرجل من قبل مكتب مكافحة الفساد التابع للشرطة الفرنسية لخمس ساعات، ومن ثم الخميس لـ 8 ساعات.
ناقل أموال القذافي؟ فمن هو هذا الرجل الوسيط؟ وما سر “صحوة الضمير” المتأخرة هذه وقبل أشهر من الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في مايو المقبل 2017؟ والتي أجاب عنها تقي الدين في مقابلته قائلاً:” اكتشف أن تلك الأمور لا يجب أن تبقى سراً؟”.
زياد تقي الدين كان قد استجوب سابقاً في الـ 2011 بعد شبهات بنقله أموالاً لساركوزي من نظام معمر القذافي لتمويل حملته الانتخابية، إلا أن شيئاً لم يثبت عليه ولم يدن، على الرغم من أن رئيس المخابرات الليبية عبد الله السنوسي عاد وأعلن في 2012 عن تمويل ليبي لساركوزي، وأن أموالاً تقدر بـ 5 ملايين يورو نقلت عبر وسيط.
تقي الدين المولود عام 1950 في بلدة بعقلين اللبنانية القابعة في جبل لبنان، رجل أعمال لبناني فرنسي، لعب دور وسيط في عدد من العقود الدولية الكبرى لا سيما في مجال السلاح. طرح اسمه في عدد من الصفقات السياسية المالية.
وعلى الرغم من أن اسمه تداول بشكل كبير قبيل عام 2007، ونشر موقع “ميديابارت” صوراً تجمعه بعدد من المسؤولين الفرنسيين، إلا أن نجمه لم يسطع إلا في قضية القذافي- ساركوزي.
وبحسب “ميديابارت” فإن الرجل كان أشبه بالوسيط “الرسمي” بين ساركوزي وحكومته وبين نظام معمر القذافي في مجال العقود التجارية حول الأسلحة.
حتى إنه تلقى مبلغاً كبيراً من المال من قبل شركة نفط كبيرة نظراً لخدماته ونجاحه في عقد اتفاق غاز بين الشركة ونظام القذافي، فالرجل كان قوياً على ما يبدو في علاقاته مع النظام الليبي.
تمكن الرجل الستيني حين أثيرت قضية تمويل حملة ساركوزي بأموال ليبية من الإفلات، ولم يدنه القضاء، لا سيما أن المسألة إذا ما أثبتت تتعلق بقضية فساد كبرى قد تطيح برؤوس سياسية. إلا أنه أكد عام 2012 صدقية “مستند” نشره موقع “ميديابارت” يفيد بأن ليبيا وعدت بدفع 50 مليون يورو لساركوزي، وكان المستند أو الرسالة موقعا من رئيس الاستخبارات الليبية في حينه موسى كوسى.
اليوم وبعد أن قبع الملف أمام القضاء الفرنسي لسنوات دون أن يتوصل إلى أدلة تدين تورط ساركوزي بتلك القضية وتثبت عليه “الفساد”، يقلب تقي الدين الطاولة، معترفاً أنه بنفسه نقل 3 حقائب من المال الليبي على دفعات إلى ساركوزي.
اعتراف لا شك أن القضاء سيأخذه بعين الاعتبار، وسيتابعه حتى النهاية. اعتراف قد يطيح بمستقبل ساركوزي السياسي، إلا أنه بالتأكيد سيكلف تقي الدين أيضاً الكثير، ولهذا يبقى سبب الاعتراف “غامضاً” ومحيراً!