أثار اختفاء ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة وشقيق الرئيس السوري بشار الأسد، الشكوك حول مصيره، وسط أنباء عن مقتله وعزله.
وكانت آخر مرة حضر بها اسم ماهر الأسد إعلاميا في آذار الماضي، حيث وردت أنباء عن نقله من قيادة الفرقة الرابعة إلى قيادة أركان الجيش السوري، نقلاً عن مواقع إخبارية موالية للنظام، أبرزها “شبكة أخبار اللاذقية”.
وأشارت هذه المواقع إلى أن نقل ماهر الأسد إجراء لتحييد القادة الذين عرف عنهم مواجهة ما يوصف بـ”الإرهاب” والمؤامرة على سوريا، إذ تشكل قيادة الأركان واجهة شكلية للضباط من كبار السن، أو الذين يُراد تقليص نفوذهم.
إلا أن مصدرا في الجيش السوري أكد لقناة “روسية اليوم” حينها أن ما جرى “تنقل عادي روتيني في إطار الترفيعات والتنقلات التي تحصل دائماً في المؤسسة العسكرية”، مؤكدا أن “لا صحة أبدا لكل التكهنات والروايات المثيرة للضحك والتي تتناقلها بعض مواقع الإنترنت”، دون مزيد من الإضافات حول مصيره.
وحول غياب ماهر الأسد، قالت إيثار عبد الحق، نائب رئيس تحرير صحيفة “زمان الوصل” السورية المعارضة، إن “ماهر الأسد يعد من أكثر الشخصيات الحاكمة والمتحكمة في سوريا بعداً عن الأضواء وإغراقا في التكتم، حتى إن معرفة أخبار رؤوساء الأجهزة الأمنية وتتبع نشاطاتهم تبدو أسهل، إلى حد ما، من معرفة تحركات ماهر وطبيعة الأدوار التي يمارسها”.
وأوضحت عبد الحق أن هذا جعل “الكثير من الأخبار المتناقلة عن ماهر في باب التكهنات والشائعات، التي لا يمكن الأخذ بها نفياً أو إثباتاً”، مستدركة بالقول إن “أن ماهر ما يزال عنصراً أساسياً على مستوى مؤسسة الحكم والعائلة، بصفته القائد الفعلي للفرقة الرابعة ذائعة الصيت، والابن الثاني المتبقي من عائلة حافظ، بعد مصرع كل من باسل ومجد”، بحسب تعبيرها.
وبالتالي، فإن ماهر يعد، بحسب عبد الحق، “ثاني اثنين لا ثالث لهما في سوريا”، مشيرة إلى أنه شخص لايمكن إقصاؤه إلا بالموت، أو بخلاف جوهري مع شقيقه بشار، وهو ما يبدو مستبعداً، في ظل التزام الأخوين بتوصيات أبيهما حافظ. وكانت آخر صورة مسربة نشرتها صحيفة “زمان الوصل” المعارضة في تشرين الثاني الماضي.
وصية الوالد
وتابعت عبد الحق بقولها: “لدي اعتقاد شخصي أن بُعد ماهر عن الأضواء مبني على التزام حرفي بوصية من والده حافظ، بناء على تجربة الأخير الشخصية مع شقيقه رفعت، إذ إن إعطاء رفعت الأسد مساحة للبروز والظهور في كل مناسبة إبان السبعينات وأوائل الثمانينات، وهذا الهامش العريض الذي أعطاه حافظ لأخيه رفعت، ساعد الأخير على تكوين قاعدة عريضة في أوساط الجيش والمخبرات وأوساط الطائفة، أدت إلى تضخم في ذات رفعت وشجعته لمواجهة حافظ ومحاولة الانقضاض عليه لانتزاع السلطة منه”.
وأشارت إلى أن “حافظ تعلم جيدا من هذه التجربة المريرة بالنسبة له، ووضع قواعد صارمة، تفيد بأن يتخلى ماهر عن الظهور، مقابل أن يتحاصص سوريا مع شقيقه بشار، باعتبارها التركة، بدلا أن يتصارعا عليها كما تصارع أبوهما وعمهما”.
وأوضحت عبد الحق أن “السلطة التي يتمتع بها ماهر، لا تنبع من موقعه أو المسميات التي تخلع عليه، إذ لو كان الأمر كذلك، لكان بوصفه ضابط في الفرقة الرابعة كأي ضابط آخر يقود فرقة في جيش النظام، فيما تقول الوقائع إن سلطة ماهر الحقيقة تنبع من كونه الوريث الشريك وابن حافظ الأسد، والمتحكم بشبكة علاقات أمنية وعسكرية واسعة وشديدة التأثير، فضلا عن امتلاكه ما لا يحصى من الأموال والاستثمارات والشراكات التجارية داخل سوريا وخارجها”.
وأضافت: “لو كان لسوريا المحكومة بقبضة آل الأسد من رئيس آخر غير معلن لكان ماهر”، في إشارة إلى حجم نفوذه وعلاقاته وسلطاته داخل سوريا.
وكان ماهر الأسد اختفى لأكثر من أربع سنوات، وظهرت حوله قصص عديدة، منها أنه قتل في تفجير مبنى الأمن القومي، وأخرى أنه أصيب خلال مرور موكبه في إحدى مناطق دمشق، أو أنه دخل غيبوبة وتعالجه روسيا.
وتندر المعلومات حول ماهر إلى درجة يسود معها الغموض حول وضعه الصحي، إذ أن البعض قال إنه مصاب، ورجح آخرون أن يكون قد فقد إحدى ساقيه خلال هجوم على اجتماع لقيادات أمنية سورية عام 2012، إذ لم يظهر إلى العلن بعدها بمدة طويلة.
ويقول جوشوا لانديس، الباحث في جامعة أوكلاهوما، في تحقيق سابق لـ”سي أن أن”، إن ماهر هو “أمين سر” أسرة الأسد والرجل المكلف بإبقاء العائلة في الحكم، وهو دور يبدو أن الشقيق الأصغر للرئيس السوري يستمتع بالقيام به، إذ ينقل أحد الذين قابلوه شخصيا، بأنه ظهر خلال الاجتماع ببذلته السوداء ونظاراته الشمسية وشعره المصفف إلى الخلف، وكأنه أحد أعضاء المافيا.
ويتولى ماهر رسميا مهمة قيادة قوات النخبة في الجيش السوري، وتحديدا الفرقة الرابعة المدرعة وألوية الحرس الجمهوري.