ليس بجديدٍ أن ينقل اللّبنانيّون ما يلفتهم من التّقاليد والعادات الغربيّة الى بلدهم. فبعد “هالويين” الغرب، ها هو ما يُعرف بـBlack Friday أو الجمعة الاسود يكتسح الاسواق والمحال في مختلف المناطق اللّبنانيّة.
غصّت طرقات لبنان بزحمةٍ خانقة بالامس. هذه الحال ليست غريبة على كلّ يوم “جمعة” في لبنان”، إلاّ أنّ الاعلانات والرّسائل الالكترونيّة التي أُرسلت بالملايين الى الهواتف، أنزلت اللّبنانيّين عنوة الى الاسواق، بعدما شعروا بأنّهم في هذا اليوم سيطلقون العنان لشغف التسوّق لديهم في ظلّ الحسومات التي وصلت الى 70 في المئة.
قد لا يعرف معظمنا ماذا يعني “الجمعة الاسود”، الذي هو تقليدٌ أميركيّ، إلاّ أن اللّبنانيّين وجدوا فيه مناسبة لابتياع ما يحتاجونه بأسعارٍ أقلّ قبيل عيدي الميلاد ورأس السّنة بشهرٍ.
يُصادف Black Friday في اليوم التالي لعيد الشّكر في الولايات المتّحدة الاميركيّة. وعيد الشّكر يقع دائماً في الخميس الرّابع من شهر تشرين الثاني في كلّ سنة. تُعتبر هذه المناسبة الافتتاحيّة الرّسمية لشهر الميلاد ولايّام التسّوق، وتُصنّف معظم الولايات الاميركيّة هذا النّهار يوم عطلة، ليتسنّى للمواطنين الاستفادة منه قدر الامكان. واللاّفت في هذا اليوم هو أن المتاجر تفتح أبوابها من الصّباح الباكر حتى ساعات الفجر.
حالات جنونٍ وهستيريا تُسجّل في صفوف الاميركيّين في هذا اليوم. طوابيرٌ طويلة تصطفّ أمام كلّ متجرٍ، والبعض يعمد الى النّوم الى جانب متجره المفضّل قبل هذا النّهار بساعاتٍ ليضمن فرصة وضع يده على ما يتمنّاه قلبه، ويُريح جيبه.
يبدو أن هستيريا هذا اليوم مُعدية، بعدما حلّت على اللّبنانيّين الذين غصّوا المتاجر، حيث صُدموا بالاسعار، التي، ورغم الحسومات المزعومة، لا تزال مُرتفعة، فيما سجّل اختفاء بعض السلع المميّزة قبيل افتتاح هذا اليوم بساعاتٍ قليلة، وهو ما يحصل دوماً خلال شهر التسوّق في لبنان في شباط.
هكذا حلّ يوم الجمعة على اللّبنانيّين، أسود بالفعل، زحمةٌ وعجقةٌ وجنونٌ وإعلانات فضفاضة معظمها كاذب. فكلّ جمعة سوداء وجيوبكم بألف خير!