وعد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رئيس وأعضاء المجلس الدستوري بالعمل، بالتعاون مع السلطات المختصة، على إعادة ما انتقص من صلاحيات هذا المجلس، ولا سيما تفسير المواد الدستورية.
موقف الرئيس عون جاء خلال زيارته ظهر اليوم مقر المجلس الدستوري في الحدت حيث قدم الى رئيسه الدكتور عصام سليمان تصريحين بأمواله وأموال زوجته السيدة ناديا عون، المنقولة وغير المنقولة، الأول لمناسبة انتهاء ولايته نائبا عن دائرة كسروان، والثاني لمناسبة بدء ولايته في رئاسة الجمهورية، وذلك عملا بقانون الإثراء غير المشروع الصادر عام 1999.
وكان في استقباله لدى وصوله الى مقر المجلس الدستوري، رئيسه سليمان والأعضاء، وتوجهوا جميعا الى مكتب سليمان حيث سلمه رئيس الجمهورية التصريحين، وتسلم منه إيصالين يؤكدان تسلم المجلس الدستوري التصريحين.
بعد ذلك صرح عون: “أنا سعيد جدا اليوم في لقائي بكم لمناسبة تقديمي تصريحا عما أملك في هذه الدنيا. وطبعا هذا أمر مهم، اننا امام اعلى سلطة قضائية، على اساس أن السلطة التشريعية تتمثل في مجلس النواب. وأنتم اليوم موجودون لتصححوا ما يحصل من خطأ في التشريع. صحيح انهم انتقصوا من صلاحيات المجلس الدستوري عبر جعل تفسير المواد الدستورية يعود للمجلس النيابي، وكأن هناك من يراقب نفسه عبر ذلك، إلا أن هذا ضد المنطق ومبادئ الاحكام والحكم، لكنكم تعلمون أن “الاعجوبة” اللبنانية لا تكون احيانا للصالح العام ولا لمصلحة الشعب ولانتظام الحالات العامة. وأنا أعدكم بأنني سأحاول، بالتعاون مع السلطات المختصة، إعادة حق تفسير الدستور الى المجلس الدستوري”.
ورد رئيس المجلس الدستوري مرحبا بعون، وقال: “أهم ما تملكون فخامتكم هو محبة الناس وثقتهم بكم، وأملهم الكبير في هذا العهد. وكما تفضلتم، فإن المجلس الدستوري، كما أعطيت صلاحياته عندما انشئ بعد اتفاق الطائف، فقد قيد الى أقصى الحدود. وإننا نأسف للقول إن صلاحيات المحاكم والمجالس الدستورية العربية أصبحت أوسع بكثير صلاحيات المجلس الدستوري في لبنان. ولا يمكننا النظر في مدى دستورية اي قانون إلا إذا أتانا طعن من الجهات المحددة التي لها حق الطعن. وللأسف الشديد، فإن قوانين تصدر بصورة مخالفة للدستور ولم يتم الطعن بدستوريتها أمام المجلس الدستوري. وإن القوانين التي صدرت قبل إنشاء المجلس الدستوري تتضمن الكثير من المواد المخالفة للدستور لم يتم درس مدى دستوريتها، بحكم عدم وجود مجلس دستوري وقتذاك. والمجلس الدستوري الحالي لا يملك أي إمكان للنظر في دستوريتها لأن مهلة تقديم الطعن بدستورية أي قانون هي 15 يوما من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. لذلك فإن القوانين التي صدرت قبل وجود المجلس الدستوري هي خارج اي رقابة، وتتضمن بعض المواد الخارجة عن الدستور، والمحاكم ملزمة إصدار الاحكام بناء عليها، وهو ما يعتبر ثغرة كبيرة في النظام القضائي اللبناني. لذلك فإن المشروع الذي وضعناه لتوسيع صلاحيات المجلس الدستوري، وتشرفت بتقديم نسخة منه لفخامتكم، في حال إقراره، سيعطي المجلس الدستوري الدور الذي يجب ان يقوم به”.
وعلى الأثر دار حوار بين عون وأعضاء المجلس الدستوري تناول عمل المجلس والصعوبات التي تواجهه.
وبعد التقاط الصورة التذكارية، غادر عون مقر المجلس الدستوري عائدا الى القصر الجمهوري.
وكان قصر بعبدا شهد قبل ظهر اليوم سلسلة لقاءات ركزت على شؤون مالية وتربوية واجتماعية.
حاكم مصرف لبنان
وفي هذا السياق، استقبل رئيس الجمهورية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي قدم له تقييما للوضع المصرفي والمالي والنقدي في البلاد، مشيرا إلى أن الأوضاع المالية تسير بشكل طبيعي.
نجار
والتقى أيضا الوزير السابق ابراهيم نجار وعرض معه الأوضاع العامة في البلاد. وقال نجار إنه هنأ عون وأعلمه أن ما صدر عنه من مواقف “يبشر بأنه سيكون القوة الجامعة بإذن الله وأنه رئيس كل اللبنانيين”. وأعرب عن أمله في “ان يكون خطاب القسم قلب البيان الوزاري إن لم يكن قالبه أيضا”.
جامعة الروح القدس
واستقبل رئيس الجمهورية رئيس جامعة الروح القدس في الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة على رأس وفد ضم عمداء الكليات والمديرين فيها، وحضر أيضا الأباتي بولس نعمان. وألقى الاب حبيقة كلمة قال فيها: “نحن سعداء جدا، في جامعة الروح القدس- الكسليك، التابعة للرهبانية اللبنانية المارونية، أن نأتي الى الصرح الاول في الجمهورية اللبنانية لتهنئة فخامتكم على الحدث الجلل بعد الاحتباس السياسي الذي طال لفترة سنتين ونصف سنة. واليوم، نحن لا نصدق الواقع، تعبيرا عن فرحنا لأنكم وصلتم الى سدة الرئاسة بعدما كانت حياتكم مكرسة لخدمة الميثاقية اللبنانية، لرسولية هذا البلد العظيم في العالم والذي وضعه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني على منصة المرجعية الدولية لكل الدول المتعددة ثقافيا، دينيا وحضاريا ولغويا.
لقد كنتم المدافعين عن لبنان في كل محطات حياتكم. بدءا من مرحلة خدمتكم في الجيش اللبناني، الذي بعدما تداعى كل شيء في هذا البلد، بقي المنقذ للبنان. وفخامتكم من هذه المؤسسة وصلتم الى سدة الرئاسة بهذه المناقبية العالية وهذا الضمير الحي خصوصا ان لديكم سياسة مميزة جدا تعيدون عبرها بناء لبنان على منظومة القيم الاساسية ومحاربة الفساد.
إن جامعة الروح القدس- الكسليك كان لها الشرف، وبعد الحدث العظيم، المتمثل بالمصالحة المسيحية-المسيحية في معراب، ان قمتم بزيارتها لتبلغونا أن موقعنا متقدم في عملية إعادة بناء هذا البلد، وإننا بيت رحم لمجتمع جديد نأمل جميعا أن يولد. وأتينا اليوم لشكر فخامتكم على الالتفاتة الكريمة التي خصصتم بها الجامعة، لما أنتم عليه من قيم عالية. فأنتم اليوم تنتمون الى انتظارات الناس واحلام الشباب”.
وأضاف حبيقة: “عندما تدافعون عن الميثاقية فأنتم تدافعون عن امور اساسية في هذا الوجود”.
ورد عون مرحبا برئيس الجامعة والوفد المرافق، ومؤكدا عزمه على بناء الدولة وفق الاسس التي أوردها في خطاب القسم، ولا سيما الحرص على الاصلاح. وأضاف: “إن الصعوبات كثيرة جدا ونحن في حاجة الى مشاركة الجميع لإعداد الاجيال الصاعدة على الاخلاق والقيم لأنه من دون هذه القيم لن نتمكن من اصلاح اي شيء. فهي اسمى من القوانين، لأنها تردع الشخص، ليس خوفا من عقوبة ولكن من ضميره.لذلك، نحن نعول كثيرا على التربية، وإن شاء الله يكون لدينا في القريب برنامج تربوي جديد يحترم الميثاق، وفي الوقت نفسه ينشئ المواطنين على قيم معينة، فتكون بذلك التربية في جميع وجوهها العلمية، والاجتماعية والاخلاقية وتتضمن إحترام حرية المعتقد وحق الاختلاف”.
رباب الصدر
واستقبل عون شقيقة الإمام المغيب السيد موسى الصدر السيدة رباب الصدر شرف الدين مع كريمة الإمام السيدة مليحة الصدر والمدير العام لمؤسسات الإمام الصدر السيد نجاد شرف الدين، الذين هنأوا العماد عون بانتخابه رئيسا للجمهورية. وقالت السيدة رباب الصدر “إن سعادة كبرى غمرت عائلة الإمام المغيب واللبنانيين عموما بانتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، ولا سيما أننا نتطلع إلى دور أساسي يلعبه الرئيس عون في تعزيز لبنان الأمان والسلام”. وقالت إن “العائلة طلبت من الرئيس عون الاهتمام بقضية الإمام المغيب ولا سيما أن أكثر من 38 سنة مضت على تغييبه مع رفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، مشيرة إلى أن “الرئيس عون أكد متابعته لهذه القضية ومسار التحقيق القضائي الجاري فيها”. كذلك أطلع الوفد رئيس الجمهورية على النشاطات التي تقوم بها مؤسسات الإمام الصدر.
برقية تعزية
الى ذلك، أبرق عون الى الرئيس البرازيلي ميشال تامر معزيا بضحايا طائرة الركاب البرازيلية المنكوبة. وجاء في البرقية: “تلقيت بألم بالغ اليوم نبأ تحطم طائرة الركاب البرازيلية التي كانت متجهة الى كولومبيا وعلى متنها 81 راكبا بينهم اعضاء فريق كرة قدم برازيلي، ومقتل 76 راكبا. إن هذا الحادث المفجع ترك عميق الاثر في نفوس اللبنانيين الذين يكنون عاطفة خاصة للبرازيل وشعبها، كما أنه تزامن مع إنعقاد “مؤتمر الطاقة الاغترابية” الذي عبر اللبنانيون في اميركا الجنوبية من خلاله عن التزامهم بالدور الايجابي لازدهار البرازيل وتطورها.
إني إذ اتقدم منكم، باسمي وباسم الشعب اللبناني، بأحر التعازي، أسأل الله الرحمة لمن قضوا في هذا الحادث الاليم ولأهلهم العزاء، وللمصابين الناجين سرعة الشفاء”.