ما دام رجال الدين، لا سيما المسيحيين والمسلمين، يتهربون من الحوار العقائدي بحجة أنه لا يؤدي إلى نتيجة، لا بل إلى خلاف حسب نظرة البعض.
وما داموا يتهربون بحجة الاكتفاء بحوار حول قضايا اجتماعية ووطنية، إذ على بعضها يمكن التوافق بنظر البعض.
فهذا يعني أن العلاقة بين مختلف الأديان ستبقى سطحية، يشوبها الكثير من المجاملات وصولا إلى التكاذب، لا بل وصولا إلى التمني بإلغاء الآخر لا سيما في مجتمعاتنا حيث ترتبط معظم الأمور بالنظرة الدينية إليها.
لذا فنحن ندعو إلى حوار لاهوتي عقائدي، وهذا هو دور رجال الدين وهذا هو المطلوب منهم. أما الأمور الاجتماعية والإنسانية، وإن كان بعض رجال الدين يقومون بها مشكورين فهناك كثير من الجمعيات والأفراد قادرة على تبنيها وربما بشكل أفضل أكثر علمانية وأكثر إنسانية وأكثر اجتماعية.
الحوار اللاهوتي هو إذا في صميم الحوار بين الأديان ويجب تناوله بكل جرأة وحرية واحترام. وهو في أساس أي حوار آخر إذا أردناه مثمرا وصادقا وهادفا. إن لم ندخل الحوار اللاهوتي العقائدي في مجتمعاتنا فستبقى الأمور على ما هي عليه من بيانات عامة بلا أسس روحية أو دينية، وسيبقى الناس متباعدون جاهزون لرجم بعضهم البعض كلما دق كوز الدين بجرة المتدينين.
ليس الحوار اللاهوتي مخيفا ولا يجب أن يكون كذلك. إنما يجب أن يكون مدخلا أساسيا إلى التلاقي الحق. هناك أمور كثيرة مشتركة فلنبدأ منها، وسنرى كيف ستكر مسبحة التوافق وسيتم اختراق جدار الحذر والذعر، وسيعلن التحرر من المفاهيم والتعابير المختلف عليها، والالتباسات والأحكام المسبقة، وسيسود لدى العامة جو من الانفتاح والارتياح والتفاهم والتعاطي الإيجابي، وصولا إلى مشاهدة نتائج عجائبية.
ذلك وبكل بساطة لأن الله خالق الجميع ويريد إنسانية واحدة وبشرا متفقين ومتحابين مهما اختلفت الآراء، ويريد أن “كل الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يبلغون”
وما دام الله واحدا، فلتدخل الأديان في حوار لاهوتي بإيمان وبلا خوف، يتواضع وبلا كبرياء
وأنانية، بانفتاح على عظمة الله وبلا انغلاق على الآخرين.. ولن يترك الله أبناءه!
الأب عبدو رعد
راهب مخلصي