يشهد ملف التنقيب عن النفط والغاز في المتوسط من الحكومة الاسرائيلية تطورات سريعة، وباتت الأنشطة النفطية الاسرائيلية جنوب المياه الاقتصادية الخالصة اللبنانية تُشكّل خطراً داهماً على الموارد النفطية اللبنانية في هذه المنطقة.
وفي آخر التطورات المقلقة، اعلن وزير الطاقة الاسرائيلي يوفال شتاينتس، ان اسرائيل وافقت على بيع شركة “انرجين” اليونانية حقلي غاز تصل احتياطاتهما إلى 60 مليار متر مكعب، وهما “كاريش” و”تنين”.
وكان حق استغلال هذين الحقلين اعطي في البداية الى كونسورسيوم يتألف من شركة “نوبل إنرجي” الأميركية ومجموعة “ديليك” الإسرائيلية، وسبق أن فاز هذا الكونسورسيوم بحقلين آخرين أكثر أهمية.
وكانت شركة “انرجين” قد وافقت في آب الماضي على دفع 150 مليون دولار مقابل الحقلين لشركتي “نوبل إنرجي” و”ديليك”. وفي مقالة نشرت في “النهار” بتاريخ 11 تموز الماضي، كشف وزير الطاقة والمياه أرتيور نظريان عن ورود معلومات موثقة الى وزارة الطاقة من شركة “TGSS” البريطانية التي أجرت مسحاً عام 2000، أكدت وجود مكامن مشتركة للنفط مع اسرائيل وأن حقل “كاريش” قريب جداً ولا يبعد أكثر من 5 كيلومترات عن الحدود البحرية اللبنانية، مما يعني أن اسرائيل تتحضّر بطبيعة الحال للافادة من البلوكات التي لدى لبنان معها حقول مشتركة.
وما الخطوة التي أعلنها الوزير الاسرائيلي في الساعات الماضية الا تأكيد على نيات إسرائيل الاسراع في الافادة من هذا الحقل، وبدء عملية إستثماره والاستفادة من ثرواته.
ويبعد حقل كاريش 100 كلم عن السواحل الإسرائيلية ونحو 75 كلم عن ساحل حيفا، وقد اكتشف في تموز 2013 ويمتد على مساحة 150 كلم مربعاً.
وتشير تقديرات المسوحات التي تمت إلى احتمال أن يحتوي على كميّات تتراوح ما بين 1.5 و2 تريليوني قدم مكعّب من الغاز. لبنانياً، يبعد حقل كاريش نحو 4 كلم عن الحدود الإسرائيلية – اللبنانية، وتحديداً عن البلوك 8 العائد للبنان، و6 كلم عن البلوك 9، علماً ان أبعد نقطة من هذا الحقل تقع على بعد يتراوح ما بين 15 و17 كلم من حدود المنطقة اللبنانية.
مع التذكير بأن المنطقة الاقتصاديّة الخاصة بلبنان ومساحتها نحو 22 ألف كيلومتر مربع، باتت مقسّمة بحسب المسوحات التي أجرتها وزارة الطاقة اللبنانيّة إلى 10 بلوكات، 3 منها تقع على حدود المنطقة الإسرائيليّة، وهي البلوكات 8 و9 و10.
وقد اعلنت وزارة الطاقة الاسرائيلية في منتصف تشرين الثاني الماضي، طرح عطاءات لاستكشاف 24 حقلاً بحرياً في الجولة الاولى من التراخيص التي تنتهي في آذار 2017 على ان تنهي الوزارة اجراء المناقصات في 21 نيسان 2017 في خطوة قد تؤدي الى جذب شركات عالمية كانت لتكون مهتمة بالنفط والغاز في قعر البحر اللبناني.
وما هي الا أيام قليلة، حتى خرج أيضاً وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس في الساعات الماضية ليؤكد أن مشاريع مدّ أنابيب للغاز من إسرائيل عبر المتوسط نحو مصر وتركيا وإيطاليا تتقدم، بعد أشهر من إعلان تل ابيب أنها تبحث خيارات عدة لنقل الغاز الطبيعي الذي تقوم بإستخراجه وبيعه في الاسواق العالمية، من بينها مد أنابيب إلى مصر لبيعه الى السوق المحلية أو تحويله إلى غاز مسال ثم تصديره.
كذلك أشارت المعلومات الى تقدم كبير على صعيد مد خط الانابيب لنقل الغاز من إسرائيل الى تركيا، وصولاً الى أوروبا. أمام هذا الواقع قد يكون لبنان بالفعل على طريق خسارة جزء مهم من الاسواق المستقبلية لغازه ونفطه لصالح الغاز والنفط الاسرائيليين، اذ أن كل تأخير في بدء استغلال موارده سيؤدي الى خسارة مصادر التصدير والاسواق المستهلكة.
موريس متى