بعد احدى عشر سنة على استشهاده قررت أن أبوح بالرواية عن ذلك اليوم الذي قابلت فيه النائب الجديد في البرلمان اللبناني الشهيد جبران تويني.
في ذلك اليوم دخلت مكتبه برفقة شخص كان يثق به كثيراً ويخاف على امنه الشخصي كخوفه على عائلته وكان قد نقل تلك العدوى اليّ بعدما كنت مولعا بقلمه الرصين وبشغف وشجاعة ذلك المارد المتمرد على سياسة الوطن وسياسييه…
بادرني بالقول: بدك تكون معي ترافقني.. لأنو هني بدو يحطولي مرافقين جواسيس!
فأجبته: “اكيد استاذ ولو انا جاهز..” فرد: اعطيني رقمك العسكري وكل التفاصيل لاطلب فصلك معي..”
تصاعدت حدة الاستهداف تجاه مواقفه وشخصه وحياته مما اضطره للسفر خارج لبنان حفاظاً على حياته. كان عنيد في تصرفاته وحذر في تنقلاته ولكنه مكشوف.. كان يبدل في سياراته ولكن يستقلها من أمام مبنى النهار على مرأى من الجميع يحيي محبيه، وليس من الموقف السفلي.
ولما كانت توجه اليه الملاحظات عن تلك التصرفات او عن بعض التوجيهات لسلوك طرقات معينة كان يقول: ” لما تجي ساعتي بدي موت ولو شو ما عملت.. متل ما الله بيريد”
في تلك الساعة المشؤومة من تاريخ 12 تشرين الأول من العام 2005 كنت بمهمة في منطقة الحمرا سمعت دوي انفجار هز كياني وقلبي وشعرت بفاجعة لم أقوى على تفسيرها.
بدأت الشائعات تتصاعد ككل انفجار كان يقع في وقتها، حتى بدأ الحديث عن استهداف للصحافي جبران تويني، كان بعد الأقارب من الدائرة الضيقة على علم بموضوع انفصالي لمواكبة التويني إلا أنه حتى تاريخه لم يكن قد حصل أمر الفصل ولكن هاتفي لم يهدأ..
تلقيت سيلاً من الاتصالات يسألونني فيه عن صحة الاغتيال وعن اذا كنت قد فصلت معه او لا. حتى تلقيت الاتصال من الشخص الذي رافقني الى مكتب التويني في المرة الاولى يقول فيه: “إيلي.. انكتبلك عمر جديد.. استشهد الإستاذ” فكان وقع الاتصال كالصاعقة عليّ.
ضاقت الدنيا بي أقفلت هاتفي وذهبت الى منزلي تناولت بعض الأدوية المهدئة ونمت نوماً عميقاً لأصحى على مشاهد أشلاء جبران ورفاقه في نشرات الاخبار التي تناثرت في المنطقة الصناعية للمنصورية.