تحت عنوان “إخبار عن جسر التحرّش” كتبت باسكال صوما في صحيفة “السفير”: هذه الكلمات أدناه بمثابة إخبار إلى قوى الأمن الداخلي ووزارة الداخلية والبلديات وكل مَن له صلة من قريب أو من بعيد من الجهات المعنيّة.
أخبار “جسر التحرّش” أو جسر المشاة قرب “السيتي مول” لا تنتهي، أكاد أجزم أنّ كل الفتيات اللواتي يعبرْنه، يتعرّضن لأشكالٍ متنوّعة من التحرّش. في الواقع، لقد تحوّل هذا الجسر إلى “مصيدة” ووكر للمتحرّشين الذين ينتظرون الفتيات ويلاحقونهنّ، ويتحرّشون بهنّ إما عبر الكلام المقزز، أو عبر محاولات لمسهنّ أو التعرّض لهنّ بطريقة أو بأخرى.
تخبر سينتيا أنّها غيّرت مكان عملها منذ مدّة بسبب الجسر الذي لا حسيب ولا رقيب عليه. تقول سينتيا: “خلال سنتين من عملي في تلك المنطقة تعرّضت لأكثر من عشرين عملية تحرّش، ولم يكن لديّ أي حلّ سوى الاستمرار بعبور الجسر يومياً ذهاباً وإياباً، فسائقو سيارات السرفيس يرفضون توصيلنا إلى الجهة الأخرى من الأوتوستراد، إلا مقابل مبلغ كبير.
في المرّة الأخيرة، لحقني رجلٌ عجوز وأمسك بي عند الساعة التاسعة ليلاً، وأفلتت من يديه بأعجوبة. وبقيت مدّة أسبوع حبيسة الفراش وأزمة عصبية بسبب الحادثة”.
تحت الجسر مباشرةً، يقف شرطيٌّ أحياناً، لكن لا علم له بما يجري فوق الجسر، ومحاولات النهب والتحرّش التي تتعرّض لها النساء من دون رحمة، لا سيما أنّ هذا الجسر هو المنفذ الأفضل بين جهّتي الأوتوستراد، وهو طويلٌ جداً ومرتفع بما يكفي حتّى يكون مثالياً لعمليات التحرّش التي أبطالها لبنانيون وسوريون وغيرهم، خصوصاً أن التحرّش عابر للجنسيات.
قصة أخرى تخبرها ليال، وهي تعمل في أحد متاجر “سيتي مول”، تقول: “كنت ذاهبة إلى عملي صباحاً حين لحقني شخص سوريّ الجنسيّة وحاول الإمساك بي وهو يردد كلاماً بذيئاً.
تحت الجسر كان رجل الأمن التابع للسيتي مول واقفاً ورآني، لكنه بقي في مكانه، وكأنّ المنظر مألوفٌ بالنسبة إليه.
حاولت الدفاع عن نفسي حين أصبح المتحرّش قريباً جداً مني، ضربته بكلّ قوّتي بحقيبتي، وركضت كالمجنونة.
دخلت إلى عملي وأنا ألتقط أنفاسي”.
وتضيف “بقي ذاك المتحرّش من دون محاسبة”.
يمتلئ الجسر بالمتسوّلين الذين يحاول بعضهم أيضاً التحرّش بالفتيات، لا سيما أنّ معظم الفتيات العاملات في “سيتي مول” يُنهين عملهنّ في وقتٍ متأخر من الليل، ولا حلّ بأيديهنّ إلا عبور الجسر للعودة إلى بيوتهنّ، وبالتالي التعرّض للتحرّش وأحياناً لمحاولات السرقة.
ومثل هذه الأفعال لا نعرف ما هو سقفها، لا سيما أنّ الدولة غائبة تماماً وتكتفي بشرطيّ يقف أحياناً تحت الجسر، ولا يعرف ما يدور فوقه.
طبعاً ليس جسر “السيتي مول” الموطن الوحيد للتحرّش والتعرّض للنساء في لبنان، هناك أوكار لا تُعدّ ولا تُحصى يعرفها هؤلاء المجرمون أو المرضى النفسيون، ولا تصلها أية تغطية أمنية كافية.
هذا الإخبار باسم كل امرأة وكل فتاة في هذا البلد.
طلبهنّ بسيط وهو أن يُسمح لهن بعبور جسر “السيتي مول” وأي طريق بأمان، وأن يقف رجل أمن فوق الجسر المذكور وليس تحته “من أجل حمايتنا، نحن اللواتي نعمل في هذه المنطقة أو نزور المول حتى نتسوّق”، تقول سينتيا.
(باسكال صوما – السفير)