حسناً فعل القيّمون على التشكيلة الحكومية بأن أنضجوا التأليف قبل الأعياد، لأنهم بذلك يستطيعون أن يذهبوا ليعيِّدوا، ويدعون الناس يعيّدون بعيداً من سجالات الأكثرية والأقلية والحجج والأحجام والثلث المعطِّل والوزير الملك والوزير المناسب في المكان المناسب أو غير المناسب.
حسناً فعل القيّمون على التشكيلة الحكومية لأنَّهم بإنجاز التشكيل سيُتيحون للناس أن يعيشوا دسم الأعياد من دون أن يدخلها سم السياسة.
إنه عيد الميلاد، عيد الطفل الذي وُلِد في مزود المغارة ليُعلِّم الناس التواضع وأنَّ الفقر ليس عيباً لكنَّ العيب في عدم مساعدة الفقير.
فيا سادة، ضعوا السياسة جانباً وفكِّروا بالفقير، لديكم كل الوقت لتعودوا إلى “جنة السلطة”، فكِّروا ولو لأسبوعين في “جحيم الناس” الذين علّقوا الآمال عليكم أو على بعضكم.
أما الناس فيحقُّ لهم أيضاً أن يأخذوا إجازة من السياسة. فلديهم كل الوقت ليفتحوا ملفات الوزراء الجدد، على قاعدة حثِّهم على العمل وتحقيق الإنجازات ومعالجة التركة الثقيلة في كلِّ وزارة لم تكن تعمل. وليتذكّر الوزراء أنَّهم سيخضعون يوماً، وربما كل يوم، لمساءلة ومحاسبة الرأي العام الذي ملَّ من الوعود البرّاقة والتعهدات المسبقة، الناس يريدون أن يروا إنجازات لا أن يسمعوا وعوداً.
لذلك، وبما أنَّ ولادة الحكومة تمت قبل العيد بأسبوع، فلا وقت للتقييم، فاليوم الصورة
التذكارية، تليها جلسة لمجلس الوزراء لتشكيل لجنة البيان الوزاري، وبعدها يبدأ العيد عند الوزراء فلماذا لا يبدأ عند الناس ؟
كما يُقال “بالعامية” فإننا “لاحقين” على بدء المطالبات للناس :
نوعية خدمات الإتصالات والإنترنت، أوضاع الطرقات وازدحامها الخانقة، دوامة الضمان، حاجات وزارة الصحة.
صحيح أنَّ عناوين الحكومة ستكون قانوناً جديداً للإنتخابات والموازنة العامة للعام 2017، لكن
هناك ستة أشهر فماذا يفعل الناس بها؟
هل ينتظرون؟
لقد انتظروا ما فيه الكفاية، دام انتظارهم عامين ونصف عام ولم يعد بإمكانهم الإنتظار أكثر، أما الأسبوعان الآتيان فهما للأعياد، فلننتظر إلى ما بعدها.
الملفات والأعياد لا يلتقيان، فإما ملفات وإما أعياد، عند الناس تتقدّم الأعياد على الملفات، وربما عند الوزراء أيضاً، وربما هي المرة الأولى التي يلتقي فيها المسؤول والمواطن عند نظرة واحدة للأمور.
لندع أنفسنا في أجواء العيد، والسنة الجديدة لناظريها قريبة.
فلماذا السياسة وإزعاجاتها؟
هلمّوا إلى الأَعياد.
أُغرفوا من أجوائها العابقة بالمحبة والتسامح والسلام، ضعوا أحقاد السياسة جانباً، وإذا شئتم العودة إليها فلتكن بعد الأعياد وليس الآن.
السياسة والسلطة فيهما الكثير من التعقيدات والألغام وهذه “الموبقات” لا تلائم فرحة الأعياد…
عيّدوا أولاً.
وسجِّلوا ملاحظاتكم في العيد:
سلامة الغذاء، ازدحام السير، النفايات. والبقية تأتي…
الهام سعيد فريحه