في العادة، وفي الأيام الأخيرة من كل سنة، تتبارى وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية في تعداد أبرز أحداث السنة وأهم الصور التي التقِطَت خلال العام، وأبرز التصريحات التي أُعطيت وكانت مثيرة للجدل.
لبنان لا يشذُّ عن هذه القاعدة، فلديه أبرز الأحداث، ولديه أهم الصور، ولديه أبرز التصريحات التي أثارت الجدل.
ربما أهم حدث يتمثَّل في انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وفي تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة.
وربما أهم صورة تتمثَّل في جبال النفايات التي ارتفعت على مساحة الجمهورية.
وربما أهم تصريح هو ما أدلى به وزير البيئة في الحكومة السابقة محمد المشنوق، أثناء عملية التسليم والتسلُّم بينه وبين وزير البيئة الجديد طارق الخطيب، والذي قال فيه:
“إن وزارة البيئة غير مسؤولة عن ملف النفايات لأنه ملفٌّ وطني”!
من دون أن ننغِّص على القراء أجواء الأعياد وبهجتها، لكن هكذا تصريح لا يمكن أن يمرَّ تحت أيِّ ظرف من الظروف. القراء يتذكَّرون أنَّ وزير البيئة السابق “حرد” وترك ملف النفايات وبقي وزيراً للبيئة، وتسلَّم “الملف الوسخ” مكانه وزير الزراعة أكرم شهيب. وهذه واحدة من البِدَع والهرطقات التي اشتهرت بها الحكومة السابقة:
وزيرٌ يعتكف ويحرد لكنه يبقى في وزارته يصرف من موازنتها في السفر للمشاركة في مؤتمرات، سواء في نيويورك أو غيرها، وبتغطية مباشرة من رئيسه الذي هو بالمناسبة صديقه.
ولنتذكَّر أنّه عند تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام كان سلام يريد محمد المشنوق وزيراً للداخلية، تصوُّروا لو أنّه فعلاً سُمِّي وزيراً للداخلية؟
هل تُقدِّرون حجم الفوضى التي كان يمكن أن يقع فيها لبنان؟
لا نريد الإستطراد في عيوب الحكومة السابقة، لقد أصبحت وراءنا، وطوى البلد صفحة غير مُشرِّفة من تاريخه، نريد مع القراء التطلع إلى الأمام مع مطلع عهد جديد وحكومة جديدة.
ولكن قبل كل ذلك لتكن البداية من تمضية ما تبقَّى من أيام السنة التي تعد أيامها للرحيل.
صحيح أنَّ الحكومة مستعجلة وأنَّ هناك سعياً لإنجاز البيان الوزاري قبل نهاية السنة، لكن بالإمكان البناء على ما تشهده حركة الناس الذين سبقوا الحكومة في التفاؤل:
فحركة مطار بيروت تؤشِّر إلى أنَّ الأعياد ستشهد عودة كثيفة للبنانيين الذين يريدون أن يُمضوا الأعياد في لبنان، وحال الأسواق والطرقات مؤشِّر آخر، أما العبرة الحقيقية ففي كيفية مقاربة الأمور اعتباراً من مطلع السنة الجديدة، وكم هي الملفات الكبيرة التي ستوضَع على طاولة مجلس الوزراء!
وكم هي الملفات الدسمة التي ستُحوَّل إلى هيئات التفتيش والرقابة!
إنَّ الناس لم يعودوا يرضون بالقليل، يريدون حقوقهم كاملةً كما هُم يُقدِّمون واجباتهم كاملة.
لا تساهل بعد اليوم.
لا مسايرة بعد اليوم.
إنَّ الحقوق الأساسية ليست محطَّ نقاش أو “أخذ ورد”.
يحقُّ للبناني أن يخرج من منزله إلى عمله من دون أن تكون النفايات متراكمة على جانبي الطريق.
يحقُّ له أن يُنجِز معاملاته في إدارات الدولة من دون أن يخضع للإبتزاز.
يحقُّ له أن يكون بحماية قضاء نزيه.
والسلسلة تطول وللبحث صلة.
الهام سعيد فريحة