لمجلس القضاء الشرعي الأعلى دور وازن في الشأن الديني الرسمي للمسلمين بكل طوائفهم، و في إطار بحثنا عن المؤسسات الدينية يفترض التأكيد على ضرورة تعديل قوانين هذا المجلس ، حيث إنه يتجاهل تجاهلاً تامّاً وجود المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، و يظهر ذلك جلياً من الوقوف عند الهيئة التي يتألف منها، حيث نصت المادة 460 من قانون تنظيم القضاء الشرعي السني و الجعفري الصادر في 16 تموز 1962 ( و المعدل بموجب القانون رقم 350 تاريخ 16 حزيران 1994 ، و بالقانون رقم 452 تاريخ 17 آب 1995 ) حيث ورد ( يتألف مجلس القضاء الشرعي الأعلى من مفتي الجمهورية اللبنانيّة رئيساً، و عضوية رؤساء المحاكم العليا، و القضاة المنتدبين للنيابة العامة، و المفتشين ) .
و الملاحظ :
١- كون مفتي الجمهورية هو رئيس المجلس.
. بشكل عام ، حيث كان ينبغي أن يتداول الشيعة و السنّة على رئاسته !!!
٢- عدد أعضاء مجلس القضاء 7 ، 3 للشيعة و 4 للسنّة !!
٣- إنّ رئيس المجلس الشيعي ليس عضواً في مجلس القضاء الأعلى ، في حين أن مفتي الجمهورية هو رئيسه الدائم !!
٤- إنّ مقر مجلس القضاء الشرعي في دار الفتوى !
و حفاظا على وحدة المسلمين ، كي لا يأتي من يطالب بإنشاء مجلس قضائي شرعي أعلى للشيعة، و آخر للسنة؛ فإننا نقترح :
١- أن يصبح رئيس المجلس الشيعي عضواً حكماً في مجلس القضاء الشرعي ، و بذلك يصبح المجلس مشكلاً من ٨ أشخاص، مناصفة بين السنّة و الشيعة .
٢- أن تصبح رئاسة مجلس القضاء الشرعي مداورةً بين السنّة و الشيعة ، مرّة يرأسه رئيس المجلس الشيعي و يكون مفتي الجمهورية نائباً له ، و مرّة أخرى العكس .
٣- ينبغي استحداث مكان خاص لمجلس القضاء الشرعي خارج دار الفتوى و المجلس الشيعي .
و الملفت أنه كان عدد أعضاء مجلس القضاء خمسة ( يتألف مجلس القضاء الشرعي الأعلى من مفتي الجمهورية اللبنانيّة رئيساً، و عضوية رئيسي المحكمتين العليين، القاضيين المدنيين المنتدبين للنيابة العامة ) ثم تعدلت هذه المادة – كما أسلفنا – بموجب القانون رقم ٣٥٠ تاريخ ١٦ حزيران ١٩٩٤، و المادة الثالثة من القانون رقم ٤٥٢ تاريخ ١٧ آب ١٩٩٥ .
و كما حصل هذا التعديل، و أضاف ( المفتشين في كل من المحاكم الشرعية السنية و الجعفرية)، و حينها صار عدد أعضاء المجلس سبعة بدلاً من خمسة، وعليه فإنه يمكن إجراء تعديل آخر يكون مساوياً بين جميع الطوائف، و محققا للعدالة المطلوبة.
علما ان نظام مجلس القضاء الشرعي لا يقتصر على ما أسلفنا، بل يجعل مهام أمين سر المجلس بيد أمين السر الخاص للمفتي !
ناهيك عن كون للمجلس صلاحيات قانونية على القضاء العلوي – رغم عدم تشكله لتاريخه – و بنفس الوقت لم ينص القانون على وجود قضاة علويين.
و في هذا السياق من الجيد السعي لإدخال قضاة الطائفة الدرزية ايضاً ، فقد آن الأوان لتطوير كامل بنية هذا المجلس، الذي أنشئ على قياس طائفة معينة، و بظروف معينة.
( مجلس قضاء أعلى ، حصراً بالشيعة )
ًإن التوازن بين المسلمين السنة و الشيعة أمر مطلوب، بل هو بغاية الأهمية، و لا نريد مزيدا من الشرخ، لا سيما في هذه الظروف المتشنجة، و لذا المأمول من أهل الحل و العقد الإسراع لمعالجة هذا الخلل كي لا يأتي من يطالب بإنشاء مجلس قضاء أعلى للشيعة و ترك هذا المجلس لأخواننا السنة!
أكتفي بهذا القدر، على أمل إدراك مكامن خلل مؤسساتنا و تخلفها الواضح، و العمل على ترميم هذه الثغرات .
الشيخ محمد علي الحاج العاملي