الإنطلاق الصحيح للحُكم والحكومة

حين يغرق المراقب بالتفاصيل اليومية، يتحوَّل التدقيق في التطورات أكثر صعوبةً، لكن حين يكون الهدف هو التدقيق فإنَّ المراقب يستطيع أن يرى الصورة بشكلٍ أكثر وضوحاً.

من خلال التدقيق في ما يجري، ماذا يمكن الإستنتاج ؟

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كان أحد اختصاصاته في الدورات، التي أجراها في المؤسسة العسكرية “سلاح المدفعية”، وفي علم المدفعية هناك “مدافع غير مرتدة”.

يمكن للمراقب أن يستنتج أنَّ العماد عون يمارس في بعض سياساته وثوابته “المطالب غير المرتدة”، خصوصاً حين يتأكد من أنَّ هذه الثوابت مُحِقَّة.

مثالٌ على ذلك أنَّ رفضه لقانون الستين للإنتخابات النيابية “موقفٌ غير مرتد”:
راهن كثيرون على تغيير موقفه لكنَّه وضع حداً لهذه المراهنات حين أعلن بالفم الملآن، أمام السلك الدبلوماسي، موقفه الثابت من هذا الأمر:

“أولى أولوياتنا تنظيم انتخابات نيابية وفق قانون جديد يؤمِّن التمثيل الصحيح لجميع شرائح المجتمع اللبناني، ما يوفّر الإستقرار السياسي.. أما تخوّف بعض القوى من قانون نسبي فهو في غير محلّه، لأنَّ وحده النظام الذي يقوم على النسبية يؤمّن صحة التمثيل وعدالته للجميع.

وعليه، قد يخسر البعضُ بعضَ مقاعدهم، ولكننا نربح جميعاً استقرار الوطن”.

بالتأكيد، بعد هذا الموقف ليس كما قبله.

إنه “الموقف غير الإرتدادي” بالنسبة إلى قانون الإنتخابات، ما يعني أنَّ على كل القوى السياسية والأحزاب والتيارات أن تتعاطى مع هذا الموضوع على هذا الأساس.

وكما ملف الإنتخابات فإن الكثير من الملفات ينطبق عليها موضوع “غير المرتد”، ويلتقي رئيس الجمهورية في ذلك مع رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يلاقيه في منتصف الطريق، خصوصاً بالنسبة إلى الملفات العالقة، ولا سيما تلك التي ينطبق عليها مفهوم “الفضيحة”.

في معظم الإدارات والملفات هناك فضائح تبدأ ولا تنتهي :

من التلزيمات والمناقصات، إلى شركتَي الخليوي، إلى بطء الإنترنت، إلى مناقصات الغاز والفيول، إلى فضائح الإختلاسات في الضمان الإجتماعي.

وعليه فإنَّ الحكومة تحتاج إلى أكثر من ورشة عمل وأكثر من جلسة للبتِّ في كلِّ هذه الملفات، وهذا الأمر لن يكون سهلاً، لأنَّ الفساد غرز أنيابه في كل الجسم اللبناني ويواصل نهشه.

لقد وصل الوضع اللبناني إلى حافة الهاوية في ما خص ملف الهدر والفساد ولم يعد بالإمكان التغاضي عنه.

وبناء عليه فإنَّ الورشة التشريعية التي باشرها مجلس النواب أمس، في مستهل الدورة الإستثنائية له، يُفتَرَض أن تواكَب “بورشة حكومية” من أجل إنجاز ما تراكم من ملفات منذ الشغور وحتى اليوم.

إذا تمت المباشرة بهذه الملفات، فهذا يعني أن العهد، حكماً وحكومةً، وُضِعا على السكة الصحيحة.

الهام سعيد فريحه

اخترنا لك