من فترة طويلة يحرك الشيخ محمد علي الحاج العاملي على ملف المجلس الإسلامي الشيعي
الأعلى، حتى بات الأكثر تخصصاً في قوانينه وشؤونه.
في العام 2008 أصدر كتاب (هذا المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الواقع الأدوار الأفق) عالج فيه الإشكاليات المطروحة حول المجلس الشيعي، معرجاً على دار الإفتاء الجعفري، والمحاكم الشرعية الجعفرية.
وفي العام 2012 عمد لتقديم شكوى في مجلس شورى الدولة، حركت الرأي العام لمسألة الخلل و الشغور في المجلس الشيعي.
و قبل ذلك و بعده خطوات عديدة تصب في خانة تفعيل عمل مؤسسة المجلس الشيعي، كان آخرها سلسلة مقالاته الموسومة بـ (إصلاحاً للخلل القانوني في المجلس الشيعي) و التي انتشرت، و تم التداول فيها في الأوساط الشيعية، لا سيما في الأوساط العلمائية، وكان لموقعنا (بيروتيات) دور في هذا الإطار، و ها قد رضخ أصحاب القرار لهذه المطالب، حيث تم تصديق قانون في مجلس النواب ومن خارج جدول الأعمال !
هذا ما حدا بنا لإجراء هذه المقابلة مع سماحته، للإطلاع على حيثيات الأمر وحقيقته.
سؤال : سماحة الشيخ محمد علي الحاج العاملي كيف تنظرون لهذا التمديد الذي لاقى اعتراضات من ناشطين في عدد من وسائل الإعلام و على السوشيل ميديا ؟
لهذه الخطوة إيجابيات و سلبيات، و إذا أردنا أن نكون منصفين فينبغي أن نقف عند ثلاث نقاط :
الأولى : الخلفية السلبية التي يقارب بها أهل الحل و العقد في الطائفة الشيعية مسألة المجلس الشيعي، حيث التمديد المتكرر، و هذا ينم عن خوفهم من الرأي العام الشيعي، و إلا لماذا هذا التأخير الفاضح في إجراء الإنتخابات من العام 1981 و لتاريخه؟
الثانية : جيد أن الرئيس نبيه بري قد شعر بضرورة مراعاة إصلاح الخلل المزمن القائم في المجلس الشيعي، بل و في مؤسساتنا الرسمية كافة.
الثالثة : تسجل هذه الخطوة لصالح المطالبين بالإصلاح، و تاليا نكون قد حققنا نقلة نوعية في مسارنا حيث الإستجابة لنا، نتيجة شيء من الخوف يستحكم في الطرف الآخر من العهد الجديد الذي نحن بصدده اليوم، فلا يخفى على أحد أن العد العكسي لدور الرئيس بري آخذ بالتصاعد، لا سيما مع مجيء العماد عون رئيسا للجمهورية اللبنانية.
سؤال : استفزت هذه الخطوة الكثيرين، الذين اعتبروها محاولة للإلتفاف على مطلب إجراء الإنتخابات ؟
صحيح هذا الأمر، الذي يبين هروب قوى الأمر الواقع من الإنتخابات، و لكن الأمر الأهم الذي نستنتجه هو خوفهم من الإنتخابات !
و إذا كان دولة الرئيس نبيه بري قد تجاهل شرعية المجلس مدة 15 عاما تقريبا فيبدو انه اليوم لم يعد يمكنه ذلك.
و بأفضل الأحوال فإن عنصر التراجع و الضعف في ذاك المحور واضح.
سؤال : انطلاقاً من هذا التطور كيف ستستفيد إدارة المجلس الشيعي الحالية من التمديد ؟
طبعاً تستفيد مجموعة محددة من هذا القانون، و لفترة محددة، مدتها ثلاث سنوات، و نحن نعرف أن الحكم استمرار، و أن هناك ثابتة لا نقاش فيها، حول ضرورة تسيير المرافق العامة .. التي يستفيد منها الشيخ عبد الأمير قبلان وأعوانه.
و بالنسبة لنا فإن الفائدة التي تعود للشيخ قبلان و أعوانه محدودة جدا، في ظل اضمحلال دور المجلس، إذا لم نقل انعدامه، و تاليا أي فائدة يستفيدها النائب السابق الشيخ قبلان دون أن يكون للمجلس الشيعي دور يذكر في الساحة اللبنانية، كما كان دوره رائدا و مركزيا أيام الإمام السيد موسى الصدر !
ليت الأخ الشيخ عبد الأمير، ومن معه، يتدبرون هذا الأمر كي يكون هدفهم منصباً على ايجاد حيوية وفاعلية وحضور للمجلس الشيعي ضمن الطائفة والوطن، بل و حتى على المستويين الإسلامي والعربي.
و أخيراً، إن تكرار التمديد سيضع قوى الأمر الواقع أمام إحراجات لن يكون من السهل استمرارها، فإذا كان الإعتراض على هذه الخطوة اليوم محدودا، فإنه بعد انقضاء هذه السنوات الثلاث هل سيبقى منسوب الإعتراض كما هو، أم سيتضاعف ؟ و هل سيكون التمديد هو الآلية التي سيتبعها الإخوة في حزب الله و حركة أمل ! أم سيحترمون أبناء مجتمعهم و نخب الطائفة الشيعية في لبنان !!
السنوات المقبلة كفيلة بإيضاح الأمور بشكل جلي، و في النهاية : لا يصح إلا الصحيح .
حاوره : الصحافي جوي ب. حداد