يتولى مجموعة من علماء الدين وظيفة رسمية في ملاك الإفتاء الجعفري يطلق على من يشغلها (مدرس فتوى)، و هذه الوظيفة تأتي بعد الإفتاء و القضاء، و لكونها تندرج ضمن سياق عمل المجلس الشيعي و الإفتاء الجعفري فينبغي علينا الإضاءة السريعة عليها.
أولاً : إن هذه الوظيفة محصورة بعلماء الدين، و تاليا فيجب أن لا يتولاها إلا علماء الدين، علما أنه تم إسناد أكثر من موقع لغير علماء الدين ، في حين أن نص البند الأول من المادة الثانية من نظام مدرسي الفتوى واضح في هذا المقام، فقد جاء ( المادة 2 – يشترط في مدرس الفتوى أن يكون : 1- عالما في الدين الإسلامي ..)، كما يترتب على ذلك أن لا يتم تعيين أي شخص لمجرد تنفيعه!! كما هو المعمول به في وقتنا الراهن، حيث وجود عشرات المواقع الشاغرة، على مستوى أئمة القرى و البلدات، لا سيما النائية منها، مضافا لشغور مواقع تبليغية عديدة.
و تالياً فيجب أن تستثمر هذه الوظيفة لما فيه المصلحة العامة، لا أن تبقى مجرد تنفيعات خاصة لأفراد معدودين !
ثانياً : يتساوى الشيعة و السنة بالوظائف و المواقع في التركيبة اللبنانية، فمثلا حينما يكون للشيعة 6 وزراء، فيكون للسنة مثلهم، و في المجلس النيابي يتساوى السنة و الشيعة بعدد المواقع، و هذا ما يجب أن يكون على مستوى الوظائف الدينية، في الإفتاء و القضاء، و حتى في عدد موظفي مدرسي الفتوى.
الحديث عن المفتين و القضاة له مجاله، و أما على مستوى مدرسي الفتوى الشيعة، فإن عددهم أقل من نصف مدرسي الفتوى السنة!
يظهر من ذلك الركود الذي يصيب المؤسسة، و عدم مواكبتها لحركة التطور السكاني ..
ثالثاً : خلال سعي الإمام السيد موسى الصدر لتنظيم عمل دوائر الإفتاء الجعفري فقد أصدر قراراً بتاريخ 18 تشرين الأول 1970، يحمل الرقم 65، عين بموجبه النائب الأول لرئيس المجلس الشيعي رئيسا لجهاز دوائر الإفتاء الجعفري، حيث جاء في المادة الأولى منه : ( يتولى النائب الأول لرئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى رئاسة جهاز دوائر الإفتاء الجعفري، و إدارة هذه الدوائر و تنسيق الأعمال فيما بينها).
و بالعودة لواقعنا نلحظ عدم تطبيق هذه المادة إطلاقا، و لعل السبب في ذلك تخلي الشيخ عبد الأمير قبلان عن صلاحياته بالرضاء الحبي لصالح نجله الشيخ أحمد قبلان !!
و طبعا هذا مخالف للقوانين، و بنبغي على النائب الأول لرئيس المجلس الشيعي أن يباشر مهامه بغية ضبط وظيفة مدرسي الفتوى، بل و سواها أيضا.
رابعاً: تشهد وظيفة مدرسي الفتوى حالة التسيب ليس على مستوى عدم خلق مهام محددة لهم فحسب، بل حتى إن طريقة تعيينهم تحصل حاليا بصورة مخالفة للقوانين، كون التعيين ينبغي أن يحصل بناء لاقتراح الهيئة الشرعية، و هذا ما لم يتحقق في كثير من مدرسي الفتوى الذين تعينوا من 15 سنة و لحينه !!
فقد نصت المادة الثالثة من نظام مدرسي الفتوى على ما يلي ???? يعين مدرس الفتوى بالاختيار، بقرار من رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بناء على اقتراح الهيئة الشرعية و بعد موافقة لجنة التنظيم و الإدارة، و ذلك ضمن العدد المحدد في الملاك ).
و كي لا يتم الطعن بصحة ذلك، يحسن احترام الأنظمة و القوانين ..
خامساً : مع رحيل الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين تعزز حضور القوى السياسية في المؤسسات الدينية الرسمية، علما أن من شروط مدرس الفتوى أن يكون ( غير منتسب إلى حزب سياسي) وفقا للنص الوارد في البند السادس من المادة الثانية لنظام مدرسي الفتوى.
بل حتى أنه تكرر ذكر هذا القيد في المادة الرابعة التي تحدد ما يتوجب على مدرس الفتوى أن يقوم به، فقالت : ( لا ينتمي إلى حزب سياسي) البند الثامن .
و عليه، فكل مدرس فتوى ينتمي إلى أي من القوى السياسية مطعون بشرعية وظيفته ..
الشيخ محمد علي الحاج العاملي