تتركّز أسئلة الديبلوماسيين الغربيين العاملين في لبنان حول الإنتخابات النيابية وعمّا إذا كانت ستجرى في موعدها الدستوري في 21 أيار المقبل، وعمّا إذا كان رئيس الجمهورية ميشال عون مستعدّ فعلاً لإحداث فراغ تشريعي في حال لم يتوصل الأفرقاء السياسيون الى تهيئة قانون جديد للإنتخابات، وعن دور المجتمع المدني في حال تمّ التمديد للمجلس الحالي.
وتبدو حركة السفراء متركزة في الآونة الأخيرة في وزارة الداخلية والبلديات، حيث استقبل الوزير نهاد المشنوق لغاية اليوم سفيري بريطانيا هوغو شورتر وإسبانيا ميلاغروس هيرناندو، وتلقى منهما رسالة واحدة مفادها بأن إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها يثبت الإستقرار السياسي في لبنان، وأن المجتمع الدولي يتطلّع الى ضرورة إجرائها في موعدها.
هذه الحركة الدبلوماسية تجاه المشنوق من المرجح أن تتصاعد مع تقلص المهل الدستورية ما يذكّر بالحركة الضاغطة ذاتها قبيل إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية.
وفي حين يؤكد المشنوق لزواره أن الإستعدادات الإدارية واللوجستية التي تقوم بها الوزارة جارية، متعهدا الإلتزام بإجراء الإنتخابات النيابية ” التي تشكل إحدى ركائز تثبيت النظام اللبناني” بحسب تعبيره، فإن الوزارة تبدو فعليا كخلية نحل، وكأن القانون الإنتخابي قد أقرّ وكأن إجراء الإنتخابات النيابية سيحل في الموعد المحدّد.
لكن الوقائع السياسية السائدة تشي بأن تأجيل الإنتخابات النيابية “التقني” بات حتميّا، لأن ّأي قانون للإنتخابات النيابية لا يكون مبنيا على النظام الأكثري يصعّب إتمام الإستحقاق في موعده الدستوري في 21 أيار المقبل.
أما أسباب التأجيل فستكون تقنية بحتة تتعلق بالإعداد وتدريب موظفي وزارة الداخلية وأعضاء الهيئات الناخبة ولجان الفرز بالإضافة الى تغييرات لوجستية وإدارية في نظام الإقتراع والفرز من حيث كيفية احتساب الصوت التفضيلي مثلا، الى اللوائح المطبوعة سلفا في حال إعتماد النظام المختلط، حيث من المفترض وضع صندوقين أمام المقترعين، ومضاعفة المتطلبات اللوجستية من الموظفين ولجان الفرز الى ضغط تنظيم الإنتخابات في اليوم نفسه والذي يحتاج الى دراسة لوجستية أدق.
وتشير أوساط سياسية مطلعة عن كثب على هذا الملف الى أنه بمعزل عن المزايدات وتمنيات الأشخاص فالحقيقة التي تتصرف عبرها وزراة الداخلية تتمثل بإحترام المهل الدستورية، وبالتالي يجب دعوة الهيئات الناخبة قبل 21 شباط الحالي ثم الطلب من الناخبين التدقيق في لوائح الشطب أي أن ثمة 3 اسابيع لإقرار قانون جديد من هنا يفرض التمديد التقني ذاته.
وتشير أوساط مطلعة أن لا شيء إسمه فراغ نيابي، فنظريا يمكن أن تتعطل السلطة التشريعية وليس التنفيذية، لكن الأخيرة بعد اتفاق الطائف ليس لديها أي قدرة لإنتاج أي تشريع خارج المجلس النيابي، وبالتالي أي تعطيل للمجلس النيابي سيولد حاجة الى دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب مجلس نيابي جديد إستنادا بالطبع الى القانون النافذ وهو قانون الستين.
وبإمكان رئيس الجمهورية تعطيل المجلس في حال امتنع عن التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي لا يمكنه أن يصبح نافذا من دون توقيع الرئيس بعد مرور 40 يوماً على عكس القانون.
تنجز وزارة الداخلية كل الإجراءات الإدارية المطلوبة منها وهي تهيئ لوائح الناخبين وقد طلبت من الأمانة العامة لمجلس الوزراء إدراج كل الإعتمادات وصرفها وثمة قرار باحترام المهل الدستورية ومن يعرقل مسار الأمور يتحمل المسؤولية لأن الوزارة تعمل بحسب القانون النافذ الساري المفعول وهو قانون الستين، وضرورة إحترام المهل ومجلس الوزراء هو من يقرر في النهاية بحسب الأوساط المطلعة.
مارلين خليفة