نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن الترسانة العسكرية التي تركها تنظيم “داعش” وراءه في بعض مناطق الموصل، والتي تضم قذائف وصواريخ، فضلاً عن طائرات دون طيار وأسلحة كيميائية.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن القوات العراقية عثرت في موقع أثري، شرقي الموصل، على صندوق معدني وضع فوقه غطاء بلاستيكي، وبداخله صاروخ يبلغ طوله ستة أمتار، يبدو أن تنظيم “داعش” استغنى عنه خلال انسحابه من هذه المنطقة.
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة قول القيادي في قوات جهاز مكافحة الإرهاب العراقية، حيدر فاضل، حول الغاز الخانق الذي يمكن نقله عبر هذا الصاروخ، وقال إن “الاختبارات الأولية تشير إلى تواجد غاز الخردل.
وقد أخذ خبراء فرنسيون عينات؛ لإرسالها إلى فرنسا، ومن ثم سوف يمدوننا بالنتائج النهائية”.
وأضافت الصحيفة أنه على مقربة من الصندوق المعدني، تصطف العديد من الصهاريج والثلاجات لتخزين المواد الكيميائية. كما عثر في أحد المستودعات على حوالي 25 صاروخا روسي الصنع، لا يتجاوز طول الواحد منها مترا ونصف. وقد ملأت الصواريخ بالمواد الكيميائية بشكل عشوائي.
وبينت الصحيفة أن اللواء فاضل أكد أيضا “العثور على آثار لغاز الخردل في أحد مخابر كلية العلوم في جامعة الموصل”، وقال إن من الواضح أن الحرم الجامعي ضم العديد من ورشات تصنيع المتفجرات والأسلحة الكيميائية.
واعتبر أن تنظيم “داعش” يقود “حربا نفسية”، مشيراً إلى أن “عناصر تنظيم “داعش” كانوا يختبرون صنع صواريخ مملوءة بغاز الخردل”، رغم أن التعامل مع هذا النوع من الأسلحة الكيميائية ليس سهلا، سواء من حيث الصنع أو من حيث التحكم فيه، كما قال.
وأوضحت الصحيفة أن الأسلحة الكيميائية ليست إلا جزءاً صغيرا من الترسانة العسكرية التي ينتجها تنظيم “داعش”.
وبين فاضل أن “تنظيم “داعش” لا يصنع المدافع الرشاشة أو الأسلحة اليدوية، وإنما يركز جهوده على صنع قذائف الهاون، وصواريخ غراد، والقذائف والصواريخ والمتفجرات، والسيارات المفخخة، وطائرات دون طيار”.
وأوضحت الصحيفة أن تنظيم “داعش” طور هذه الصناعة بمساعدة خبراء عسكريين، خاصة من روسيا والقوقاز.
كما أكد جهاز الاستخبارات العراقية تورط العديد من قادة جيش الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، في تطوير هذه الصناعة.
وأوردت الصحيفة أن مؤسسة أبحاث التسلح في الصراعات البريطانية توصلت إلى أن التنظيم طور في معقله في العراق نظاما صناعيا للأسلحة. كما أشارت المنظمة إلى أن “إنتاج عناصر تنظيم “داعش” في الأشهر التي سبقت الهجوم على الموصل شهد ارتفاعا يمكن أن يصل إلى عشرات الآلاف من قطع الأسلحة”.
من جهته، أكد مصدر تابع لقوات التحالف الدولي في العراق أن “هناك إنتاجا ضخما وبكميات وفيرة، لكنه يفتقر إلى الجودة. فنحن لم نعثر على أسلحة مذهلة ومثيرة للدهشة”. وتابع المصدر حديثه قائلا إنه “على الرغم من أن مدافع تنظيم “داعش” التي تعرف باسم “مدفع جهنم”، التي يبلغ قطرها حوالي 155 مليمترا، مصممة من أجل حمل أي نوع من المتفجرات والصواريخ، إلا أنها تعدّ غير دقيقة”.
وأكدت الصحيفة أن القوات العراقية اكتشفت ورشات لصنع الصواريخ وقذائف الهاون في ضواحي الموصل، من بينها المنطقة الصناعية.
وأوردت الصحيفة أن الغابة المطلة على نهر دجلة كانت تشهد تدريبات عسكرية لعناصر تنظيم “داعش”، كما دُفنت فيها أسلحة وذخائر، حيث عثر عليها الجيش العراقي خلال تقدمه.
كما تم العثور على شبكة مهمة تحت الأرض، إما أنها بنيت اعتمادا على أنفاق قديمة أو أنه تم بناؤها حديثا خلال فترة استقرار تنظيم “داعش” في الموصل.
وهذه الأنفاق تتركز أساسا تحت مواقع أثرية. وقد أكد مصدر من جهاز الاستخبارات العراقية أن “هناك العديد من الأنفاق المزودة بالطاقة والكهرباء والغذاء والأدوية.
وبفضل هذه التجهيزات، بدت كمدينة صغيرة”.
وأضافت الصحيفة أن كل منطقة تضم منازل خاصة، وتحتوي على ورشة صغيرة مخصصة لتجميع الصواريخ الصغيرة وتصنيع المتفجرات والطائرات دون طيار.
أما في حي المهندسين الذي كان مقر أكثر من 200 مقاتل أجنبي، فقد تحولت مدرسة بأكملها إلى ورشة أسلحة لتنظيم “داعش”.
وفي هذا الصدد، أكد أحد سكان المنطقة أن “المدرسة تحولت إلى ورشة صناعة أسلحة منذ سنة ونصف تقريبا. وكان يزورها بين 20 و50 رجلا من الروس والشيشان، فضلا عن العراقيين”.
وأضاف قائلا: “لم ندرك أن المدرسة تحولت إلى ورشة لصناعة الأسلحة إلا عندما سمعنا الضجيج، إضافة إلى الشاحنات التي تتجه نحوها وهي مغطاة بغطاء من بلاستيك.
وقد أخليت المدرسة قبل يومين من بداية الهجوم، إذ اصطحب عناصر تنظيم “داعش” معهم بعض الأشياء”.
وقالت الصحيفة إن معركة الموصل ما تزال تخبئ عديد المفاجآت للقوات العراقية. ومن جهتها، تقدر المخابرات العراقية أن الضفة الغربية لنهر دجلة تخبئ كذلك العديد من مواقع إنتاج السلاح التي أنشأها تنظيم “داعش”.