لم تصدق تلك السيدة الخليجية أنها فعلًا في لبنان، بعد غياب قسري دام لعشر سنوات. ومنذ اللحظة الأولى التي سمعت أن سلطاتها المحلية رفعت حظر السفر إلى لبنان لم تتردد في حزم حقائبها والتوجه إلى البلد الذي تحب، مع أنها لم تترك مكانًا في العالم إلا وزارته خلال هذه السنوات.
خططت لقضاء أسبوع في الربوع اللبنانية، لكنها لم تستطع أن تقاوم ما وجدته في هذا البلد، وأرادت التعويض عما فاتها طوال تلك السنوات التي لم تسمح لها الظروف بأن تزوره، فمدّدت إقامتها. وبدلًا من أسبوع واحد مكثت فيه اسبوعين، وقد غادرت مرغمة، لإرتباطها بمواعيد مسبقة وإلتزامات في بلدها، على أمل العودة مجددًا خلال فصل الصيف ولفترة طويلة.
فما يجده إخواننا الخليجيون في لبنان لا يجدونه في أي بلد آخر، أيًا تكن المغريات التي يجدونها حيثما يذهبون، وهم على رغم ذلك يفضّلون لبنان، لأنهم يعتبرون أنفسهم بالفعل بين أهلهم وناسهم، وذلك لما يلاقونه من إهتمام وحسن ضيافة وخير رعاية.
قصّة هذه السيدة واحدة من الآف، وهذا دليل إلى أن موسم الصيف سيكون في لبنان واعدًا، وإلى أن أيام العزّ ستعود مجدّدًا إلى ربوعه.
وهذا الأمر يفرض متابعة حثيثة من قبل الحكومة اللبنانية ومن قبل وزارة السياحة وجميع المعنيين بالقطاع السياحي، فضلًا عن سهر القوى الأمنية لتوفير أفضل الظروف للوافدين إلى لبنان.
وما زيارة الموفد السعودي الوزير ثامر السبهان إلى بيروت إلاّ خطوة أولى ستليها خطوات تنسيقية بين الجانبين اللبناني والسعودي، لتوفير المناخات الملائمة لزيارة السعوديين للبنان، وما يتبع ذلك من خطوات ستحذوها دول الخليج الأخرى، في إنتظار أستكمال الخطوات التي تمّ التوافق عليها في خلال زيارة الرئيس ميشال عون للرياض والدوحة، وما يمكن أن تسفر عنه زيارتاه لمصر والأردن.
ومن بين المؤشرات التي أشاعت جوًّا من الإرتياح في الأوساط العربية المتابعة ما تمّ كشفه من مخططات إرهابية كانت تستهدف الوسط التجاري في بيروت، مع ما تقوم به الأجهزة الأمنية بتنسيق تام في ما بينها لرصد أي حركة مشبوهة لما يسمى “خلايا نائمة” وضربها في عقر دارها في عمليات إستباقية، مستفيدة بذلك بما يصلها من معلومات متقاطعة من أكثر من مصدر داخلي وخارجي حول تحركات هذه المجموعات، سواء في الداخل أو على الحدود اللبنانية – السورية.
واللافت في الأمر أن الحكومة اللبنانية تلقت بإرتياح ما وصلها من إشادات بدور القوى الأمنية، وبالأخصّ في سهرها على توفير الأجواء الملائمة لسلسلة المهرجانات التي أقيمت خلال الصيف الماضي، والتي لم يعكّر صفوها أي حادث أمني، على رغم حال الفراغ التي كانت تعيشها البلاد.
وإستنادًا إلى كل هذه المعطيات يتوقع اللبنانيون أن يكون الموسم السياحي في خلال الصيف المقبل واعدًا، على رغم ضبابية الأجواء التي تحيط بمساعي التوصل إلى إقرار قانون إنتخابي يكون مقبولًا من الجميع، والذي على أساسه ستجرى الإنتخابات النيابية، سواء في الربيع أو في أواخر الصيف إذا تمّ التفاهم على التأجيل التقني.
اندريه قصاص